تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٢٣
سفينة تركبها عند خراب البدن نجوت منها إلى عالمك وإلا غرقت فيها وهلكت، فعلى هذا يكون معنى ويصنع الفلك يتخذ شريعة من ألواح الأعمال الصالحة ودسر العلوم التي تنظم بها الأعمال وتحكم.
* (وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه) * كما ترى من عادة الشطار وذوي الخلاعة المشتهرين بالإباحة يستهزئون بالمتشرعين والمتقيدين بقيودها * (قال إن تسخروا منا) * بجهلكم * (فإنا نسخر منكم) * عند ظهور وخامة عاقبة كفركم واحتجابكم * (كما تسخرون فسوف تعلمون) * عند ذلك * (من يأتيه عذاب يخزيه) * في الدنيا من هلاك وموت أو مرض وضر أو شدة وفقر، كيف يضطرب ويتحسر على ما يفوت منه * (ويحل عليه عذاب مقيم) * دائم في الآخرة من استيلاء نيران الحرمان وهيئات الرذائل المظلمة والخسران.
* (حتى إذا جاء أمرنا) * بإهلاك أمتك * (وفار) * تنور البدن باستيلاء الأخلاط الفاسدة والرطوبات الفضلية على الحرارة الغريزية وقوة طبيعة ماء الهيولى على نار الروح الحيوانية أو أمرنا بإهلاككم المعنوي وفار التنور باستيلاء ماء هوى الطبيعة على القلب وإغراقه في بحر الهيولى الجسماني * (قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين) * أي: من كل صنفين من نوع اثنين هما صورتاهما النوعية والصنفية الباقيتان عند فناء الأشخاص. ومعنى حملهما فيها: علمه ببقائهما مع بقاء الأرواح الإنسية، فإن علمه جزء من سفينته الحاوية للكل لتركبها من العلم والعمل، فمعلوميتهما محموليتهما وعالميته بهما حامليته إياهما فيها * (وأهلك) * ومن يتصل بك في دينك وسيرتك من أقاربك * (إلا من سبق عليه القول) * أي: الحكم بإهلاكه في الأزل لكفره * (ومن آمن) * بالله من أمتك.
[تفسير سورة هود من آية 41 إلى آية 44] * (وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها) * أي: باسم الله الأعظم الذي هو وجود كل عارف كامل من أفراد نوع الإنسان إنفاذها وإجراء أحكامها وترويجها في بحر العالم الجسماني وإقامتها وأحكامها وإثباتها كما ترى من إجراء كل شريعة وإنفاذ
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»