تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٢٢
* (ولا أسألكم عليه مالا) * أي: الغرض عندكم من كل أمر محصور في حصول المعاش وأنا لا أطلب ذلك منكم فتنبهوا لغرضي وأنتم عقلاء بزعمكم * (وما أنا بطارد الذين آمنوا) * لأنهم أهل القربة والمنزلة عند الله فإن طردتهم كنت عدو الله مناويا لأوليائه لست بنبي حينئذ * (ولكني أراكم قوما تجهلون) * ما يصلح به المرء للقاء الله ولا تعرفون الله ولا لقاءه لذهاب عقولكم في الدنيا أو تسفهون تؤذون المؤمنين بسفهكم.
* (ويا قوم من ينصرني من الله) * الذي هو القاهر فوق عباده * (إن طردتهم) * واستوجبت قهره بطردهم * (أفلا تذكرون) * مقتضيات الفطرة الإنسانية فتنزجرون عما تقولون * (ولا أقول لكم عندي خزائن الله) * أي: أنا أدعي الفضل بالنبوة لا بالغنى وكثرة المال ولا بالاطلاع على الغيب ولا بالملكية حتى تنكروا فضلي بفقدان ذلك * (ولا أقول) * للفقراء المؤمنين الذين تستحقرونهم وتنظرون إليهم بعين الحقارة * (لن يؤتيهم الله خيرا) * كما تقولون، إذ الخير عندي ما عند الله لا المال * (الله أعلم بما في أنفسهم) * من الخير مني ومنكم وهو أعرف بقدرهم وخطرهم وما يعلم أحد قدر خيرهم لعظمه * (إني إذا) * أي: إذ نفيت الخير عنهم أو طردتهم * (لمن الظالمين) *.
[تفسير سورة هود من آية 38 إلى آية 40] * (ويصنع الفلك) * إلى آخره، تفسيره على ما دل عليه الظاهر حق يجب الإيمان به وصدق لا بد من تصديقه كما جاء في التواريخ من بيان قصة الطوفان وزمانه وكيفيته وكميته. وأما التأويل فمحتمل بأن يؤول الفلك بشريعة نوح التي نجا بها هو ومن آمن معه من قومه كما قال النبي عليه صلى الله عليه وسلم: ' مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق '. والطوفان باستيلاء بحر الهيولى وإهلاك من لم يتجرد عنها بمتابعة نبي وتزكية نفس كما جاء في كلام إدريس النبي عليه السلام ومخاطباته لنفسه ما معناه: إن هذه الدنيا بحر مملوء ماء فإن اتخذت
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»