الموجبة للاحتجاب بالتقيد عن الإطلاق، فإن الهوية الإلهية لا تتقيد بإشارة الهذية والأنائية * (إنه بما تعملون بصير) * أتعملونه بي أم بأنفسكم؟.
* (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) * أي: أشركوا بهوى كامن، ناشئ عن وجود بقية خفية أو التفات خفي إلى إثبات غيره، فإنه هو الزيغ المقارن للطغيان في قوله:
* (ما زاغ البصر وما طغى 17) * [النجم، الآية: 17]، * (فتمسكم) * نار السخط والحرمان بالاحتجاب والتعذيب بالفراق من نيران غيرة المحبوب، كما قال تعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم:
' بشر المذنبين بأني غفور، وأنذر الصديقين بأني غيور ' ولهذا المعنى قال:
' والمخلصون على خطر عظيم '. فإن دقائق ذنوب أحوالهم أدق من أن تدرك بالعقل وأشد عقابا من أن تتوهم بالوهم * (وما لكم) * حينئذ * (من دون الله من أولياء) * يتولونكم من عقابه ويدبرون أموركم ويربونكم * (ثم لا تنصرون) * من بأسه، وهذا تهديد لأوليائه فكيف بأعدائه.
[تفسير سورة هود من آية 114 إلى آية 117] * (وأقم الصلاة طرفي النهار) * لما كانت الحواس الخمس شواغل تشغل القلب بما يرد عليه من الهيئات الجسمانية، وتجذبه عن الحضرة الرحمانية، وتحجبه عن النور، والحضور بالإعراض عن جناب القدس والتوجه إلى معدن الرجس، وتبدله الوحشة بالأنس، والكدورة بالصفاء، فرضت خمس صلوات يتفرغ فيها العبد للحضور ويسد أبواب الحواس لئلا يرد على القلب شاغل يشغله ويفتح باب القلب إلى الله تعالى بالتوجه والنية لوصول مدد النور ويجمع همه عن التفرق ويستأنس بربه عن التوحش مع اتحاد الوجهة، وحصول الجمعية، فتكون تلك الصلوات خمسة أبواب مفتوحة للقلب على جناب الرب يدخل بها عليه النور بإزاء تلك الخمسة المفتوحة إلى جناب الغرور ودار اللعين الغرور التي تدخل بها الظلمة ليذهب النور الوارد آثار ظلماتها ويكسح غبار كدوراتها، وهذا معنى قوله: * (إن الحسنات يذهبن السيئات) * وقد ورد في الحديث: ' إن الصلاة إلى الصلاة كفارة ما بينهما ما اجتنبت الكبائر '.
وأمر بإقامتها في طرفي النهار لينسحب حكمها ببقاء الجمعية واستيلاء الهيئة النورية في أوله إلى سائر الأوقات، فعسى أن يكون من: * (الذين هم على صلاتهم دائمون (23)) * [المعارج، الآية: 23] لدوام ذلك الحضور، وبقاء ذلك النور يكسح ويزيل في آخره ما