الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ٢٨٣
بعض الأخبار، سيما أن يكون ضعيفا سندا ودلالة.
وعلى تقدير تسليم الدلالة، فيكون مهجورا عند الفقهاء، ومع ذلك يعارضه ما هو أقوى منه بمراتب شتى، مع أن المسائل الفقهية مبنية على مرجح واحد، فكيف ما نحن فيه لا ينفع فيه المرجحات، مع أن من المرجحات فتوى الفقهاء، سيما واتفاقهم في الفتوى؟! ألا ترى أن هؤلاء الأعلام وغيرهم يحكمون بأن رضاع يوم وليلة - مثلا - يحرم، وليس دليله سوى خبر غير صحيح موافق لمذهب العامة أو أوفق بمذهبهم (1).
وما ورد من أنه لا يحرم ما لم يكن [في ال‍] حولين (2) صحيح، متعدد، مخالف لمذهب العامة، ومع ذلك لا يفتون به، وكذا الحال في غالب الفقه، وغير خفي أن المنشأ هو فتوى الفقهاء، فكيف لا يعتبر في المقام؟ سيما مع الانضمام بمرجحات أخر كثيرة كل واحد منها يعتبرونه في الفقه على حدة على حدة، ويبنون الأمر عليه، بل عرفت أن الأمر يؤول إلى العلم بعد التأمل الصادق.
وأعجب من هذا أنهم في غير المقام، وإن رجحوا حكما إلا أنهم يحتاطون احتياطا تاما - كشرب التتن في الصوم وغيره - وفي المقام لا يحتاطون أصلا، ولا يبالون مطلقا، مع عظم خطره وشدة ضرره، بل قد عرفت أنه مع عدم الترجيح في المقام لا يمكن الحكم بالصحة، فكيف مع المرجحات الكثيرة في مجانب الفساد يحكمون بالصحة البتة من دون شائبة تأمل أو احتياط أو تجنب عن شبهة؟!
ومما يضعف دلالة هذه الأخبار، أن المحدثين من الأخباريين أيضا فهموا من

(١) تهذيب الأحكام: ٧ / ٣١٥ الحديث ١٣٠٤، وسائل الشيعة: ٢٠ / ٣٧٤ الحديث ٢٥٨٦٠.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة: ٢٠ / 386 الحديثين 25897 و 25899.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست