الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ٢٧١
والحاضرون في مجلس التهديدات والتخويفات - كانوا يفهمون اختصاص الربا بخصوص البيع أو القرض، وعدم التعدي إلى غيرهما من المعاملات، فلم كان المطيع يرفع يده بالمرة، والعاصي يلقي بيده إلى التهلكة وخزي الدنيا والآخرة، مع أن غرضهما لم يكن إلا زيادة المال وتحصيل المنفعة؟! وليس في هذا الغرض تفاوت أصلا وبالمرة بين البيع والقرض، وبين غيرهما مثل الصلح والهبة، والمسائل الشرعية كلها مبنية على انسداد طريق وانفتاح طريق، ولم يسد أحد الطريق المفتوح بسبب انسداد طريق آخر في تلك المسائل، فكيف في هذه المسألة؟!
مع ما قد عرفت (1) من شدة مشقة الترك وإلقاء النفس إلى التهلكة، ولا يرتكب السفهاء والبلهاء مثل ذلك، فضلا عن العقلاء.
مع أن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان رحمة للعالمين، عزيز عليه مشقة أمته، حريص عليهم، بالمؤمنين رؤوف رحيم (2).
مع أنه كان مبعوثا لتبليغ أحكام الشرع وتكميل دينه المتين في الخلق، فلم ما بين وما أمرهم بأن يبدلوا لفظا بلفظ ويستريحوا من شر الدنيا والآخرة، مع بقاء غرضهم بعينه من دون تفاوت أصلا؟!
فكان اللازم عليه (صلى الله عليه وآله) أن يبلغ ويبالغ ولا يقنع، ولا يتركهم في مضائقهم الجارية، بل المشعرة بعدم المبالاة بالدين، والاستخفاف المشير إلى الكفر، لأنه بلا تفاوت أصلا بفعل الحرام، بل ربما كانت معاملاتهم باطلة من جهة سفاهتهم.
ولو كانوا تركوا الطريق الممنوع، وأقبلوا إلى الطريق المفتوح، وهجموا إلى

(1) في ب: (مع أنك عرفت)، وفي ج: (مع ما عرفت).
(2) إشارة إلى الآية: 128 من سورة التوبة (9).
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست