الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ٢٦٤
سدوا باب ما أراد الله فتحه وبالغ وأكثر فيها، وفتحوا الباب الذي أراد الله سده وبالغ وأكثر في المبالغة، ويقتضي فتحه سد ذلك الباب بالمرة واندراس المعروف وقرض الحسنة بالكلية إلى أن لا يسمع الاسم، ولا يوجد الرسم (1) .
ومع ذلك فتحوا باب الحيلة وسهلوها في نظر العالمين، وأشاعوها بينهم، إلى أن صار المدار في الأعصار والأمصار عليها، من دون تفاوت عندهم بينها وبين غيرها من المباحات، مع أنه تعالى مسخ طائفة من بني إسرائيل بارتكابهم الحيلة في صيد البحر، وقال تعالى: * (فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين) * (2)، والمراد ب‍: * (ما بين يديها) * الجماعة الموجودون في ذلك الزمان، وب‍ * (ما خلفها) * الجماعة الآتون بعدهم إلى يوم القيامة.
ومن عجائب الاتفاقات أني لما أوردت الاعتراض على بعض المحللين بهذه الحيل حين استدلاله بقوله تعالى: * (أحل الله البيع) * (3) بأنه تعالى قال أيضا: * (وحرم الربا) *، فمن أين ظهر دخول ما ذكرت في الأول دون الثاني ؟! دعاه ذلك إلى أن يلاحظ قول المفسرين، فأخذ القرآن لينظر أن الآية في أي موضع، فأول ما فتح القرآن وقع نظره على حكاية بني إسرائيل واستحلالهم الصيد، وما صار عليهم من النكال، وأنه نكال غيرهم إلى يوم القيامة، تغير وجه ذلك الفاضل واضطرب، وشرع في الاستغفار، ثم ذكر بعد ذلك بمدة أنه رجع عن اعتقاده، وحكم بفساد هذه الحيلة.

(1) في ألف: (إلى أن يسمع الاسم ولا يوجد الرسم).
(2) البقرة (2): 66.
(3) البقرة (2): 275.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست