معنى القراءة المشهورة وقد ذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أن السعي من أركان الحج وقال أبو حنيفة وأصحابه: هو واجب يجزي عنه الدم.
والصحيح في سبب نزول هذه الآية ما أخبرنا به أبو بكر بن حبيب قال: أبنا علي بن الفضل قال: أبنا محمد بن عبد الصمد قال: أبنا ابن حمويه قال: أبنا إبراهيم ابن حريم قال: أبنا عبد الحميد قال: أبنا عبد الوهاب بن عطاء بن داود عن عامر قال: كان على الصفا وثن يدعى أساف ووثن على المروة يدعى نائلة وكان أهل الجاهلية يسعون بينهما ويمسحون الوثنين فلما جاء الاسلام أمسك المسلمون عن السعي بينهما فنزلت هذه الآية.
قلت فقد بان بهذا أن المسلمين إنما امتنعوا عن الطواف لأجل الصنمين فرفع الله عز وجل الجناح عمن طاف بينهما لأنه إنما يقصد تعظيم الله تعالى بطوافه دون الأصنام.
ذكر الآية العاشرة:
قوله تعالى: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى) * إلى قوله:
* (اللاعنون) * قد زعم قوم من القراء الذين قل حظهم من علم العربية والفقه أن هذه الآية منسوخة بالاستثناء بعدها ولو كان لهم نصيب من ذلك لعلموا أن الاستثناء ليس بنسخ وإنما هو إخراج بعض ما شمله اللفظ وينكشف هذا من وجهين:
الأول: ان الناسخ والمنسوخ لا يمكن العمل بأحدهما إلا بترك العمل بالآخر وههنا يمكن العمل بالمستثنى والمستثنى منه.
والثاني: أن الجمل إذا دخلها الاستثناء يثبت أن المستثنى لم يكن مرادا دخوله في الجملة السابقة وما لا يكون مرادا باللفظ الأول لا يدخل عليه النسخ.