تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٥٧
ص الآية 24 25 لك قال يا رب كيف وأنت لا تظلم أحدا قال اذهب إلى قبر أوريا فناده فأنا أسمعه نداءك فتحلل منه قال فانطلق وقد لبس المسوح حتى جلس عند قبره ثم نادى يا أوريا فقال لبيك من هذا الذي قطع عني لذتي وأيقظني قال أنا داود قال ما جاء بك يا نبي الله قال أسألك أن تجعلني في حل مما كان مني إليك قال وما كان منك إلي قال عرضتك للقتل قال قد عرضتني للجنة فأنت في حل فأوحى الله إليه يا داود ألم تعلم أني حكم عدل لا أقضي بالغيب ألا علمته إنك قد تزوجت امرأته قال فرجع إليه فناداه فأجابه فقال من هذا الذي قطع عني لذتي قال أنا داود قال يا نبي الله أليس قد عفوت عنك قال نعم ولكن إنما فعلت ذلك بك لمكان امرأتك وقد تزوجتها قال فسكت ولم يجبه ودعاه فلم يجبه وعاودوه فلم يدبه فقام عن قبره وجعل يحثوا التراب على رأسه ثم نادى الويل لداود ثم الويل لداود ثم الويل الطويل لداود سبحان خالق النور والويل لداود إذا نصب الميزان القسط سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل الطويل لداود حين يؤخذ بذقنه فيدفع إلى المظلوم سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل الطويل لداود حين يسحب عل وجهه مع الخاطئين إلى النار سبحان خالق النور فأتاه نداء من السماء يا داود قد غفرت لك ذنبك ورحمت بكاءك واستجبت دعاءك وأقلت عثرتك قال يا رب كيف وصاحبي لم يعف عني قال يا داود اعطيه من الثواب يوم القيامة ما لم تر عيناه ولم تسمع أذناه فأقول له رضيت عن عبدي داود فيقول يا رب من أين لي هذا ولم يبلغه عملي فأقول هذا عوض من عبدي داود فأستوهبك منه فيهبك لي قال يا رب الآن قد عرفت أنك قد غفرت لي فذلك قوله (فاستغفر ربه وخر راكعا) أي ساجدا عبر بالركوع عن السجود لأن كل واحد منهما فيه انحناء قال الحسين بن الفضل سألني عبد الله بن طاهر عن قوله (وخر راكعا) هل يقال للراكع خر قلت لا ومعناه خر بعدما كان راكعا أي ساجدا (وأناب) أي رجع وتاب (فغفرنا له ذلك) يعني ذلك الذنب (وإن له) بعد المغفرة (عندنا) يوم القيامة (لزلفى) لقربة ومكانة (وحسن مآب) أي حسن مرجع ومنقلب وقال وهب بن منبه إن داود لما تاب الله عليه بكى على خطيئته ثلاثين سنة لا يرقأ دمعه ليلا ولا نهارا وكان أصاب الخطيئة وهو ابن سبعين سنة فقسم الدهر بعد الخطيئة على أربعة أيام يوم للقضاء بين إسرائيل ويوم لنسائه ويوم يسبح في الفيافي والجبال والسواحل ويوم يخلو في دار له فيها أربعة آلاف محراب فيجتمع إليه الرهبان فينوح معهم على نفسه فيساعدونه على ذلك فإذا كان يوم نياحته يخرج في الفيافي فيرفع صوته بالمزامير
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»