تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٥٣
حنانا وزوجها في غزاة بالبلقاء مع أيوب بن صوربا بن أخت داود وذكر بعضهم أنه أحب أن يقتل أوريا ويتزوج امرأته فكان ذنبه هذا القدر وذكر بعضهم أنه كتب داود إلى ابن أخته أيوب أن أبعث أوريا إلى موضع كذا وقدمه قبل التابوت وكان من قدم على التابوت لا يحل له أن يرجع وراءه حتى يفتح الله على يديه أو يستشهد فبعثه وقدمه ففتح له فكتب إلى داود بذلك فكتب إليه أيضا أن أبعثه إلى عدو كذا وكذا فبعثه ففتح له فكتب إلى داود بذلك فكتب إليه أيضا أن بعثه إلى عدو كذا وكذا أشد منه بأسا فبعثه فقتل في المرة الثالثة فلما انقضة عدة المرأة تزوجها داود فهي أم سليمان عليهما السلام وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال كان ذلك ذنب داود أنه التمس من الرجل أن ينزل له عن امرأته قال أهل التفسير كان ذلك مباحا لهم غير أن الله تعالى لم يرض له ذلك لأنه كان ذلك رغبة في الدنيا وازديادا للنساء وقد أغناه الله عنها بما أعطاه من غيرها وروي عن الحسن في سبب امتحان داود عليه السلام أنه كان قد جزأ الدهر أجزاء يوما لنسائه ويوما للعبادة ويوما للقضاء بين بني إسرائيل ويوما لبني إسرائيل يذاكرهم ويذاكرونه ويبكيهم ويبكونه فلما كان يوم بني إسرائيل ذكروه فقالوا هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا فأضمر داود في نفسه أنه سيطيق ذلك وقيل إنهم ذكروا فتنة النساء فأضمر داود في نفسه أنه إن ابتلي اعتصم فلما كان يوم عبادته أغلق أبوابه وأمر أن لا يدخل عليه أحد وأكب على التوراة فبينما هو يقرأ إذ دخلت عليه حمامة من ذهب كما ذكرنا قال وكان قد بعث زوجها على بعض جيوشه فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا إذا سار إليه قتل ففعل فأصيب فتزوج امرأته قالوا فلما دخل داود بامرأة أوريا لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله إليه ملكين في صورة رجلين في يوم عبادته فطلبا أن يدخلا عليه فمنعهما الحرس فتسورا المحراب عليه فما شعر وهو يصلي إلا وهما بين يديه جالسين يقال كانا جبريل وميكائيل فذلك قوله عز وجل (وهل أتاك نبأ الخصم) خبر الخصم (إذ تسوروا المحراب) صعدوا وعلوا يقال تسورت الحائط والسور إذا علوته وإنما جمع الفعل وهما اثنان لأن الخصم اسم يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث ومعنى الجمع في الاثنين موجود لأن معنى الجمع ضم شيء إلى شيء هذا كما قال الله تعالى (فقد صغت قلوبكما) 22 (إذا دخلوا على داود ففزع منهم) خاف منهما حين هجما عليه في محرابه بغير إذنه فقال ما أدخلكما علي (قالوا لا تخف خصمان) أي نحن خصمان (بغى بعضنا على بعض) جئنا لتقضي بيننا فإن قيل كيف قال (بغى بعضنا على بعض) وهما ملكان لا يبغيان قيل معناه رأيت خصمين بغى أحدهما على الآخر وهذا من معاريض الكلام لا على تحقيق البغي من أحدهما
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»