تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٥٢
ص الآية 21 22 تقتلني بغير بينة قال داود نعم والله لأنفذن أمر الله فيك فلما عرف الرجل أنه قاتله قال له لا تعجل حتى أخبرك إني والله ما أخذت بهذا الذنب ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته فلذلك أخذت فأمر به داود فقتل فاشتدت هيبة بني إسرائيل عند ذلك لداود واشتد به ملكه فذلك قوله عز وجل (وشددنا ملكه) (وآتيناه الحكمة) يعني النبوة والإصابة في الأمور (وفصل الخطاب) قال ابن عباس بيان الكلام وقال ابن مسعود والحسن والكلبي ومقاتل علم الحكم والتبصر في القضاء وقال علي بن أبي طالب هو أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر لأن كلام الخصوم ينقطع وينفصل به ويروي ذلك عن أبي بن كعب قال فصل الخطاب الشهود والأيمان وهو قول مجاهد وعطاء بن أبي رباح وروي عن الشعبي أن فصل الخطاب هو قول الإنسان بعد حمد الله والثناء عليه أما بعد إذا أراد الشروع في كلام آخر وأول من قاله داود عليه السلام 21 قوله عز وجل (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب) هذه الآية في امتحان داود عليه السلام واختلف العلماء بأخبار الأنبياء عليهم السلام في سببه فقال قوم كان سبب ذلك أنه عليه السلام تمنى يوما من الأيام منزلة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب وسأل ربه أن يمتحنه كما امتحنهم ويعطيه من الفضل مثل ما أعطاهم فروى السدي والكلبي ومقاتل عن أشياخهم دخل حديث بعضهم في بعض قالوا كان داود قد قسم الدهر ثلاثة أيام يوما يقضي فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما لنسائه وأشغاله وكان يجد فيما يقرأ من الكتب فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقال يا رب أرى الخير كله قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي فأوحى الله إليه أنهم ابتلوا ببلايا لم تبتل بها فصبروا عليها ابتلي إبراهيم بنمرود وبذبح ابنه وابتلي إسحاق بالذبح وبذهاب بصره وابتلي يعقوب بالحزن على يوسف فقال رب لو ابتليتني بمثل ما ابتليتهم صبرت أيضا فأوحى الله إليه أنك مبتلى في شهر كذا وفي يوم كذا فاحترس فلما كان ذلك اليوم الذي وعده الله دخل داود محرابه وأغلق بابه وجعل يصلي ويقرأ الزبور فبينا هو كذلك إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن وقيل كان جناحا لها من الدر والزبرجد فوقعت بين رجليه فأعجبه حسنها فمد يده ليأخذها ويريها بني إسرائيل فينظروا إلى قدرة الله فلما قصد أخذها طارت غير بعيد من غير أن تؤيسه من نفسها فامتد إليها ليأخذها فتنحت فتبعها فطارت حتى وقعت في كوة فذهب ليأخذها فطارت من الكوة فنظر داود أين تقع فيبعث من يصيدها فأبصر امرأة في بستان على شط بركة لها تغتسل هذا قول الكلبي وقال السدي رآها تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل النساء خلقا فعجب داود من حسنها وحانت منها التفاتة فأبصرت ظله فنقضت شعرها فغطت بدنها فزاده ذلك إعجابا بها فسأل عنها فقيل هو تشايع بنت شايع امرأة أوريا بن
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»