تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٦٠
ص الآية 29 32 29 (كتاب أنزلناه إليك) أي هذا الكتاب أنزلناه إليك (مبارك) كثير خيره ونفعه (ليدبروا) أي ليتدبروا (آياته) وليتفكروا فيها وقرأ أبو جعفر (ليتدبروا) بتاء واحدة وتخفيف الدال قال الحسن تدبر آياته اتباعه (وليتذكر) ليتعظ (أولوا الألباب) 30 31 قوله عز وجل (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد) قال الكلبي غزا سليمان أهل دمشق ونصيبين فأصاب منهم ألف فرس وقال مقاتل ورث من أبيه داود ألف فرس وقال عوف عن الحسن بلغني أنها كانت خيلا أخرجت من البحر لها أجنحة قالوا فصلى سليمان الصلاة الأولى وقعد على كرسيه وهي تعرض عليه فعرضت عليه تسعمائة فتنبه لصلاة العصر فإذا الشمس قد غربت وفاتته الصلاة ولم يعلم بذلك فاغتم لذلك هيبة لله فقال ردوها علي فردوها عليه فأقبل يضرب سوقها وأعناقها بالسيف تقربا إلى الله عز وجل وطلبا لمرضاته حيث اشتغل بها عن طاعته وكان ذلك مباحا له وإن كان حراما علينا كما أبيح لنا ذبح بهيمة الأنعام وبقي منها مائة فرس فما بقي في أيدي الناس اليوم من الخيل يقال من نسل تلك المائة قال الحسن فلما عقر الخيل أبدله الله خيرا منها وأسرع وهي الريح تجري بأمره كيف يشاء وقال إبراهيم التيمي كانت عشرين فرسا وعن عكرمة كانت عشرين ألف فرس لها أجنحة قال الله تعالى (إذ عرض عليه بالعيش الصافنات الجياد) والصافنات هي الخيل القائمة على ثلاث قوائم وأقامت واحدة على طرف الحافر من يد أو رجل يقال صفن الفرس يصفن صفونا إذا قام على ثلاثة قوائم وقلب أحد حوافره وقيل الصافن في اللغة القائم وقال في الحديث \ من سره أن يقوم له الرجال صفونا فليتبوأ مقعده من النار \ أي قياما والجياد الخيار السراع واحدها جواد وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يريد الخيل السوابق 32 (فقال إني أحببت حب الخير) أي آثرت حب الخير وأراد بالخير الخيل والعرب تعاقب بين الراء واللام فتقول ختلت الرجل وخترته أي خدعته وسميت الخيل خيرا لأنه معقود بنواصيها الخير الأجر والمغنم قال مقاتل يعني المال فهي الخيل التي عرضت عليه (عن ذكر ربي) يعني عن الصلاة وهي صلاة العصر (حتى توارت بالحجاب) أي توارت الشمس بالحجاب أي استترت بما يحجبها عن الأبصار يقال الحجاب جبل دون قاف بمسيرة سنة والشمس تغرب من ورائه
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»