سورة البينة (1 4) (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) وهم اليهود والنصارى (والمشركين) وهم عبدة الأوثان (منفكين) زائلين منفصلين يقال فككت الشيء فانفك أي انفصل (حتى تأتيهم البينة) لفظه مستقبل ومعناه الماضي أي حتى أتته الحجة الواضحة يعني محمد صلى الله عليه وسلم أتاهم بالقرآن فبين لهم ضلالتهم وجهالتهم ودعاهم إلى الإسلام والإيمان فهذه الآية فيمن آمن من الفريقين أخبر أنهم لم ينتهوا عن الكفر حتى أتاهم الرسول فدعاهم إلى الإيمان فآمنوا فأنقذهم الله من الجهل والضلالة ثم فسر البينة فقال (رسول من الله يتلو) يقرأ (صحفا) كتابا يريد ما يتضمنه الصحف من المكتوب فيها وهو القرآن لأنه كان يتلو عن ظهر قلبه لا عن كتاب قوله (مطهرة) من الباطل والكذب والزور (فيها) ي في الصحف (كتب) يعني الآيات والأحكام المكتوبة فيها (قيمة) عادلة مستقيمة غير ذات عوج ثم ذكر من لم يؤمن من أهل الكتاب فقال (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب) في أمر محمد صلى الله عليه وسلم (إلا من بعد ما جاءتهم البينة) أي البيان في كتبه أنه نبي مرسل قال المفسرون لم يزل أهل الكتاب مجتمعين في تصديق محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله فلما بعث تفرقوا في أمره واختلفوا فآمن به بعضهم وكفر آخرون وقال بعض أئمة اللغة معنى قوله (منفكين) أي هالكين من قولهم انفك صلاء المرأة عند الولادة وهو أن ينفصل فلا يلتئم فتهلك ومعنى الآية لم يكونوا هالكين معذبين إلا من بعد قيام الحجة عليهم بإرسال الرسول وإنزال الكتاب والأول أصح ثم ذكر ما أمروا به في كتبهم فقال
(٥١٣)