تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٤٢٧
الإنسان الآية 3 5 الرجل وماء المرأة يختلطان في الرحم فيكون منهما الولد فماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق فأيهما علا صاحبه كان الشبه له وما كان من عصب وعظم فهو من نطفة الرجل وما كان من لحم ودم وشعر فمن ماء المرأة وقال الضحاك أراد بالأمشاج اختلاف ألوان النطفة فنطفة الرجل بيضاء وحمراء ونطفة المرأة خضراء وحمراء وصفراء وهي رواية الوالبي عن ابن عباس وكذلك قال الكلبي قال الأمشاج البياض في الحمرة والصفرة وقال يمان كل لونين اختلطا فهو أمشاج وقال ابن مسعود هي العروق التي تكون في النطفة وقال الحسن نطفة مشجت بدم وهو دم الحيضة فإذا حبلت ارتفع الحيض وقال قتادة هي أطوار الخلق نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ثم يكسوه لحما ثم ينشئه خلقا آخر (نبتليه) نختبره بالأمر والنهي (فجعلناه سميعا بصيرا) قال بعض أهل العربية وفيه تقديم وتأخير مجازه فجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه لأن الابتلاء لا يقع إلا بعد تمام الخلقة 3 (إنا هديناه السبيل) أي بينا له سبيل الحق والباطل والهدى والضلالة وعرفناه طريق الخير والشر (إما شاكرا وإما كفورا) إما مؤمنا سعيدا وإما كافرا شقيا وقيل معنى الكلام الجزاء يعني بينا له الطريق إن شكر أو كفر 4 ثم بين ما للفريقين فقال (إنا اعتدنا للكافرين سلاسل) يعني في جهنم قرأ أهل المدينة والكسائي وأبو بكر عن عاصم (سلاسلا) و (قوارير قوارير) بالألف في الوقف وبالتنوين في الوصل فيهن جميعا وقرأ حمزة ويعقوب بلا ألف في الوقف ولا تنوين في الوصف فيهن وقرأ ابن كثير (قوارير) الأولى بالألف في الوقف وبالتنوين في الوصل و (سلاسل) و (قوارير) الثانية بلا ألف ولا تنوين وقرأ أبو عمرو وابن عامر وحفص (سلاسلا) وقواريرا الأولى بالألف في الوقف على الخط وبغير تنوين في الوصف و (قوارير) الثانية بغير ألف ولا تنوين قوله (وأغلالا) يعني في أيديهم تغل في أعناقهم (وسعيرا) وقودا شديدا 5 (إن الأبرار) يعني المؤمنين الصادقين في إيمانهم المطيعين لربهم واحدهم بار مثل شاهد وأشهاد وناصر وأنصار وبر أيضا مثل نهر وأنهار (يشربون) في الآخرة (من كأس) فيه شراب (كان مزاجها كافورا) قال قتادة يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك قال كرمة مزاجها طعمها وقال أهل المعاني أراد كالكافور في بياضه وطيب ريحه وبرده لأن الكافور لا يشرب وهو كقوله (حتى إذا جعله نارا) أي كنار وهذا معنى قول مجاهد ومقاتل ومجاهد يمازجه ريح الكافور وقال ابن كيسان طيبت بالكافور والمسك والزنجبيل قال عطاء والكلبي الكافور اسم لعين ماء في الجنة
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»