تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٤٢٣
القيامة الآية 14 21 14 (بل الإنسان على نفسه بصيرة) قال عكرمة ومقاتل والكلبي معناه بل الإنسان على نفسه من نفسه رقباء يرقبونه ويشهدون عليه بعمله وهي سمعه وبصره وجوارحه ودخل الهاء في البصيرة لأن المراد بالإنسان ههنا جوارحه ويحتمل أن يكون معناه بل الإنسان على نفسه بصيرة يعني لجوارحه فحذف حرف الجر كقوله (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) أي لأولادكم ويجوز أن يكون نعتا لاسم مؤنث أي بل الإنسان على نفسه عين بصيرة وقال أبو العالية وعطاء بل الإنسان على نفسه شاهد وهي رواية العوفي عن ابن عباس والهاء في بصيرة للمبالغة دليل هذا التأويل قوله عز وجل (كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) 15 (ولو ألقى معاذيره يعني يشهد عليه الشاهد ولو اعتذر وجادل عن نفسه لم ينفعه كما قال (يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم) وهذا قول مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير وابن زيد وعطاء قال الفراء ولو اعتذر فعليه الالقاء القول كما قال (فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون) وقال الضحاك والسدي (ولو ألقى معاذيره) يعني ولو أرخى الستور وأغلق الأبواب من نفسه من يكذب عذره ومعنى وأهل اليمن يسمون الستر معذارا وجمعه معاذير ومعناه على هذا القول وإن أسبل الست رليخفي ما كان يعمل فإن نفسه شاهدة عليه 16 قوله عز وجل (لا تحرك به لسانك لتعجل به) أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ثنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا قتيبة بن سعيد ثنا جرير عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل (لا تحرك له لسانك لتعجل به) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي كان يحرك لسانه وشفتيه فيشتد عليه وكان يعرف منه فأنزل الله عز وجل الآية التي في لا أقسم بيوم القيامة (لا تحرك به لسانك لتعجل به) 17 (إن علينا جمعه وقرآنه) قال علينا أن نجمعه في صدرك قرآنه 18 (فإذا قرآناه فاتبع قرآنه) فإذا أنزلناه فاستمع 19 (ثم إن علينا بيانه) علينا أن نبينه بلسناك قال وكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله عز وجل ورواه محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن موسى عن إسرائيل عن موسى بن أبي عائشة بهذا الإسناد وقال كان يحرك شفتيه إذا نزل عليه يخشى أن ينفلت منه فقيل له (لا تحرك له لسانك) (إن علينا جمعه) أن نجمعه في صدرك (وقرآنه) أن تقرأه 20 21 (كل بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة) قرأ أهل المدينة والكوفة تحبون وتذرون بالتاء فيهما وقرأ
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»