تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٥٢
التغابن الآية 2 6 فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير) قال ابن عباس إن الله خلق بني آدم مؤمنا وكافرا ثم يعيدهم يوم القيامة كما خلقهم مؤمنا وكافرا وروينا عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ إن الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام طبع كافرا \ وقال جل ذكره (ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد عن عبد الله بن أبي بكر عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ وكل الله بالرحم ملكا فيقول أي رب نطفة أي رب علقة أي رب مضغة فإذا أراد الله أن يقضي خلقها قال يا رب أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد فما الرزق فما الأجل فيكتب كذلك في بطن أمه \ وقال جماعة معنى الآية إن الله خلق الخلق ثم كفروا وآمنوا لأن الله تعالى ذكر الخلق ثم وصفهم بفعلهم فقال (فمنكم كافر ومنكم مؤمن) كما قال الله تعالى (والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه) فالله خلقهم والمشي فعلهم ثم اختلفوا في تأويلها فروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال فمنكم كافر في حياته مؤمن في العاقبة ومنكم مؤمن في حياته كافر في العاقبة وقال عطاء بن أبي رباح فمنكم كافر بالله مؤمن بالكواكب ومنكم مؤمن بالله كافر بالكواكب وقيل فمنكم كافر بأن الله تعالى خلقه وهو مذهب الدهرية ومنكم مؤمن بأن الله خلقه وجملة القول فيه أن الله خلق الكافر وكفره فعلا له وكسبا وخلق المؤمن وإيمانه فعلا وكسبا فلكل واحد من الفريقين كسب واختيار وكسبه واختياره بتقدير الله ومشيئته فالمؤمن بعد خلق الله إياه يختار الإيمان لأن الله تعالى أراد ذلك منه وقدره عليه وعلمه منه والكافر بعد خلق الله تعالى إياه يختار الكفر لأن الله تعالى أراد ذلك منه وقدره عليه وعلمه منه وهذا طريق أهل السنة والجماعة من سلكه أصاب الحق وسلم من الجبر والقدر 3 (خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير يعلم ما في السماوات والأرض) 4 5 (ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور ألم يأتكم) يخاطب كفار مكة (نبأ الذين كفروا من قبل) يعني الأمم الخالية (فذاقوا وبال أمرهم) يعني ما لحقهم من العذاب في الدنيا (ولهم عذاب أليم) في الآخرة 6 (ذلك) العذاب (بأنه كانت تأتيهم سلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا) ولم يقل يهدينا لأن البشر وإن كان لفظه واحد فإنه في معنى الجمع وهو اسم الجنس لا واحد له من لفظه وواحده إنسان
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»