تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣١٥
الحشر الآية 3 5 الكلبي إنما قال لأول الحشر لأنهم كانوا أول من أجلى من أهل الكتاب من جزيرة العرب ثم أجلى آخرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال مرة الهمداني كان أول الحشر من المدينة والحشر الثاني من خيبر وجميع جزيرة العرب إلى اذرعات وأريحاء من الشام في أيام عمر وقال قتادة كان هذا أول الحشر والحشر الثاني نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا (ما ظننتم) أيها المؤمنون (أن يخرجوا) من المدينة لعزتهم ومنعتهم وذلك أنهم كانوا أهل حصون وعقار ونخيل كثيرة (وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله) أي وظن بنو النضير أن حصونهم تمنعهم من سلطان الله (فأتاهم الله) أي أمر الله وعذابه (من حيث لم يحتسبوا) وهو أنه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقتالهم وإجلائهم وكانوا لا يظنون ذلك (وقذف في قلوبهم الرعب) بقتل سيدهم كعب بن الأشرف (يخربون) قرأ أبو عمر بالتشديد والآخرون بالتخفيف ومعناهما واحد (بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين) قال الزهري وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صالحهم على أن لهم ما أقلت الإبل كانوا ينظرون إلى الخشب في منازلهم فيهدمونها وينزعون منها ما يستحسنونه فيحملونه على إبلهم ويخرب المؤمنات باقيها قال ابن زيد كانوا يقلعون العمد وينقضون السقوف وينقبون الجدران ويقلعون الخشب حتى الأوتاد يخربونها لئلا يسكنها المؤمنون حسدا منهم وبغضا قال قتادة كان المسلمون يخربون ما يليهم من ظاهرها ويخربها اليهود من داخلها قال ابن عباس رضي الله عنهما كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها لتتسع لهم المقاتل وجعل أعداء الله ينقبون دورهم في أدبارها فيخرجون إلى التي بعدها فيتحصنون فيها ويكسرون ما يليهم ويرمون بالتي خرجوا منها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك قوله عز وجل (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا) فاتعظوا وانظروا فيما نزل بهم (يا أولي الأبصار) يا ذوي العقول والبصائر 3 4 (ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء) الخروج من الوطن (لعذبهم في الدنيا) بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة (ولهم في الآخرة عذاب النار ذلك) الذي لحقهم (بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب) 5 (ما قطعتم من لينة) الآية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل ببني النضير وتحصنوا بحصونهم أمر بقطع نخيلهم واحراقها فجزع أعداء الله عند ذلك وقالوا يا محمد زعمت أنك تريد الصلاح أفمن الصلاح عقر اشجر وقطع النخيل فهل وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد في الأرض فوجد المسلمون في أنفسهم من قولهم وخشوا أن يكون ذلك فسادا واختلفوا في ذلك فقال بعضهم لا تقطعوا فإنه مما
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»