تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣١٦
الحشر الآية 6 أفاء الله علينا وقال بعضهم بل نغيظهم بقطعها فأنزل الله هذه الآية بتصديق من نهى عن قطعه وتحليل من قطعه من الإثم أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا آدم ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر قال حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع وهي البويرة فنزلت (ما قطعتم من لينة أو تكرتموها قائمة على أصولها فبإذن الله) أخبر الله في هذه الآية إن ما قطعتموه وما تركوه فبإذن الله (وليخزي الفاسقين) واختلفوا في اللينة فقال قوم النخل كلها لينة ما خلا العجوة وهو قول عكرمة وقتادة ورواه زاذان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطع نخلهم إلا العجوة وأهل المدينة يسمون ما خلا العجوة من التمر الألوان واحدها لون ولينة وقال الزهري هي ألوان النخل كلها إلا العجوة والبرنية وقال مجاهد وعطية هي النخل كلها من غير استثنائ وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهم هي لون من النخل وقال سفيان هي كرام النخل وقال مقاتل هي ضرب من النخل يقال لثمرها اللون وهو شديد الصفرة يرى نواه من خارج يغيب فيها الضرس وكان من أجود تمرهم وأعجبها إليهم وكانت النخلة الواحدة منها ثمنها ثمن وصيف وأحب إليهم من وصيف فلما رأوها يقطعونها شق ذلك عليهم وقالوا للمؤمنين إنكم تكرهون الفساد في الأرض وأنتم تفسدون دعوا هذا النخل قائما هو لمن غلب عليه فأخبر الله تعالى أن ذلك بإذنه 6 (وما أفاء الله على رسوله) أي رده على رسوله يقال فاء يفيء أي رجع وفاءها الله (منهم) أي من يهود بني النضير (فما أوجفتم) أوضعتم (عليه من خيل ولا ركاب) يقال وجف الفرس والبعير يجف وجيفا وهو سرعة السير وأوجفه صاحبه إذا حمله على السير وأراد بالركاب الإبل التي تحمل القوم وذلك أن بني النضير لما تركوا رباعهم وضياعهم طلب المسلمون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسمها بينهم كما فعل بغنائم خيبر فبين الله تعالى في هذه الآية أنها فيء لم يوجف المسلمون عليها خيلا ولا ركابا ولم يقطعوا إليها شقة ولا نالوا مشقة ولم يلقوا حبا (ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير) فجعل أموال بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة يضعها حيث يشاء فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة وهم أبو دجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النضري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعاه إذ جاءه حاجبه يرفأ فقال هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون قال نعم فأدخلهم فلبث يرفأ قليلا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي يستأذنان قال نعم فلما دخلا قال ابن عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا وهما
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»