تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣١٧
الحشر الآية 7 يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله من بني النضير فقال الرهط يا أمير المؤمنين اقض بينهما وارح أحدهما من الآخر قال اتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه قالوا قد قال ذلك فأقبل عمر على علي وعباس فقال أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك قالا نعم قال فإني أحدثكم عن هذا الأمر أن الله كان خص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره فقال (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) إلى قوله (قدير) وكانت هذه خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعه مجعل مال الله فعمل بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته ثم توفي النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبضها أبو بكر رضي الله تعالى عنه فعمل بها بما عمل به فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتما حينئذ جميع وأقبل على علي وعباس تذكران أن أبا بكر فعل فيه كما تقولان والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فقبضتها سبتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر والله يعلم أني فيه صادق بار راشد تابع للحق ثم جئتماني كلاكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع فقلت لكما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وبما عملت به فيها منذ وليتها وإلا فلا تكلماني فيها فقلتما ادفعها إليها بذلك فدفعتها إليكما أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فإني أكفيكماها 7 قوله عز وجل (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) يعني من أموال كفار أهل القرى قال ابن عباس هي قريظة والنضير وفدك وخيبر وقرى عرينة (فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) قد ذكرنا في سورة الأنفال حكم الغنيمة وحكم الفيء إن مال الفيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته يضعه حيث يشاء وكان ينفق منه على أهله نفقة سنتهم ويجعل ما بقي مجعل مال الله واختلف أهل العلم في مصرف الفيء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قوم هو للأئمة بعده وللشافعي فيه قولان أحدهما هو للمقاتلة والثاني لمصالح المسلمين ويبدأ بالمقاتلة ثم بالأهم فالأهم من المصالح واختلفوا في تخميس مال الفيء فذهب بعضهم إلى أنه يخمس فخمسه لأهل خمس الغنيمة وأربعة أخماسه للمقاتلة
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»