تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٤
المجادلة الآية 2 الصامت وكانت حسنة الجسم وكان به لمم فأرادها فأبت فقال لها أنت علي كظهر أمي ثم ندم على ما قال وكان الظهار والإيلاء من طلاق أهل الجاهلية فقال لها ما أظنك إلا قد حرمت علي فقالت والله ما ذاك طلاق وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها تغسل شق رأسه فقالت يا رسول الله إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني وأنا شابة غنية ذات مال وأهل حتى إذا أكل مالي وأفنى شبابي وتفرق أهلي وكبر سني ظاهر مني وقد ندم فهل من شيء يجمعني وإياه تنعشني به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمت عليه فقالت يا رسول الله والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقا وإنه أبو ولدي وأحب الناس إلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمت عليه فقالت أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي قد طالت صحبتي ونفضت له بطني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أراك إلا قد حرمت عليه ولم أومر في شأنك بشيء فجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمت عليه هتفت وقالت أشكو إلى الله فاقتي وشدة حالي وإن لي صبية صغار إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول اللهم إني أشكو إليك اللهم فأنزل على لسان نبيك فرجي وكان هذا أول ظهار في الإسلام فقامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر فقالت انظر في أمري جعلني الله فداءك يا نبي الله فقالت عائشة اقصري حديثك ومجادلتك أما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه أخذه مثل السبات فلما قضى الوحي قال لها ادعي زوجك فدعته فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد سمع الله قول التي تجادلك) وأنا في ناحية البيت أسمع بعض كلامها ويخفى علي بعضه إذ أنزل الله (قد سمع الله) الآيات ومعنى قوله (قول التي تجادلك) وتخاصمك وتحاورك وتراجعك في زوجها (وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما) مراجعتكما الكلام (إن الله سميع بصير) سميع لما تناجيه وتتضرع إليه بصير بمن يشكو إليه ثم ذم الظهار 2 فقال (الذين يظاهرن منكم من نسائهم) قرأ عاصم (يظاهرون) فيها بضم الياء وتخفيف الظاء وألف بعدها وكسر الهاء وقرأ ابن عامر وأبو جعفر وحمزة والكسائي بفتح الياء والهاء وتشديد الظاء وألف بعدها وقرأ الآخرون بفتح الياء وتشديد الظاء والهاء من غير ألف (ما هن أمهاتهم) أي ما اللواتي يجعلونهن من زوجاتهم كالأمهات بأمهات وخفض التاء في أمهاتهم على خبر (ما) ومحله نصب كقوله (ما هذا بشرا) المعنى ليس هن بأمهاتهم (إن أمهاتهم) أي ما أمهاتهم (إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول) لا يعرف في شرع (وزورا) كذبا (وإن الله لعفو غفور) عفا عنهم وغفر لهم بإيجاب الكفارة عليهم وصورة الظهار أن يقول الرجل لامرأته أنت علي ظهر أمي أو أنت مني أو معي أو عندي كظهر أمي وكذلك لو قال أنت علي كبطن أمي أو كرأس أمي أو كيد أمي أو قال
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»