تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٩
المجادلة الآية 11 11 قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا) الآية قال مقاتل بن حيان كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء ناس منهم يوما وقد سبقوا إلى المجلس فقاموا حيال النبي صلى الله عليه وسلم وسلموا عليه فرد عليهم ثم سلموا على القوم فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفسحوا لهم فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لمن حوله قم يا فلان وأنت يا فلان فأقام من المجلس بقدر النفر الذين قاموا بين يديه من أهل بدر فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف النبي صلى الله عليه وسلم الكراهية في وجوههم فأنزل الله هذه الآية وقال الكلبي نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وقد ذكرنا في سورة الحجرات قصته وقال قتادة كانوا يتنافسون في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلا ضنوا بمجلسهم فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض وقيل كان ذلك يوم الجمعة فأنزل الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا) أي توسعوا في المجلس قرأ الحسن وعاصم في المجالس لأن الكل جالس مجلسا معناه ليتفسح كل رجل في مجلسه وقرأ الآخرون (في المجلس) على التوحيد لأن المراد منه مجلس النبي صلى الله عليه وسلم فافسحوا أوسعوا يقال فسح يفسح فسحا إذا وسع في المجلس (يفسح الله لكم) يوسع الله لكم الجنة والمجالس فيها أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ثنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا سفيان بن عيينة عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ لا يقمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يخلفه فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا \ أخبرنا عبد الوهاب بن الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال سليمان بن موسى عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل افسحوا \ وقال أبو العالية والقرظي والحسن هذا في مجالس الحرب ومقاعد القتال كان الرجل يأتي القوم في الصف فيقول توسعوا فيأبون عليه لحرصهم على القتال ورغبتهم في الشهادة (وإذا قيل انشزوا فانشزوا) قرأ أهل المدينة والشام وعاصم بضم الشين وقرأ الآخرون بكسرهما وهما لغتان أي ارتفعوا قيل ارتفعوا عن مواضعكم حتى توسعوا لإخوانكم وقال عكرمة والضحاك كان رجال يتثاقلون عن الصلاة إذا نودي لها فأنزل الله تعالى هذه الآية معناه إذا نودي للصلاة فانهضوا لها وقال مجاهد وأكثر المفسرين معناه إذا قيل لكم انهضوا إلى الصلاة وإلى الجهاد وإلى المجالس كل خير وحق فقوموا لها ولا تقصروا (يرفع الله الذين آمنوا منكم) بطاعتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم وقيامهم من مجالسهم وتوسعتهم لإخوانهم (والذين أوتوا العلم) من المؤمنين بفضل علمهم ومسابقتهم (درجات) فأخبر الله عز وجل أن رسوله صلى الله عليه وسلم مصيب فيما أمر وأن أولئك المؤمنين مثابون فيما ائتمروا وأن النفر من أهل بدر مستحقون لما عوملوا من الإكرام (والله بما تعملون خبير) قال الحسن قرأ ابن مسعود هذه الآية وقال أيها الناس افهموا
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»