تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٤
الصافات الآية 104 106 يقطع فشحذها مرتين أو ثلاثة بالحجر كل ذلك وهي لا تستطيع قال السدي ضرب الله تعالى صفحة من نحاس على حلقه قالوا فقال الابن عند ذلك يا أبت كبني بوجهي على جبيني فإنك إذا نظرت في وجهي رحمتني وأدركتك رقة تحول بينك وبين أمر الله تعالى وأنا لا أنظر إلى الشفرة فأجزع ففعل ذلك إبراهيم ثم وضع الشفرة على قفاه فانقلبت السكين (ونودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) وروى أبو هريرة عن كعب الأحبار وابن إسحاق عن رجاله لما رأى إبراهيم ذبح ابنه قال الشيطان لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم لا أفتن منهم أحدا أبدا فتمثل له الشيطان رجلا وأتى أم الغلام فقال لها هل تدرين أين ذهب إبراهيم بابنك قالت ذهب به يحتطبان من هذا الشعب قال لا والله ما ذهب به إلا ليذبحه قالت كلا هو أرحم به وأشد حبا له من ذلك قال إنه يزعم أن الله قد أمره بذلك قالت فإن كان ربه أمره بذلك فقد أحسن أن يطيع ربه فخرج الشيطان من عندها حتى أدرك الابن وهو يمشي على إثر أبيه فقال يا غلام هل تدري أين يذهب بك أبوك قال نحتطب لأهلنا من هذا الشعب قال والله ما يريد إلا أن يذبحك قال ولم قال زعم أن ربه أمره بذلك قال فليفعل ما أمره به ربه فسمعا وطاعة فلما امتنع منه الغلام أقبل على إبراهيم عليه السلام فقال له أين تريد أيها الشيخ قال أريد هذا الشعب لحاجة لي فيه قال والله أني لا أرى الشيطان قد جاءك في منامك فأمرك بذبح ابنك هذا فعرفه إبراهيم عليه السلام فقال إليك عني يا عدو الله فوالله لأمضين لأمر ربي فرجع إبليس بغيظه لم يصب من إبراهيم وآله شيئا مما أراد قد امتنعوا منه بعون الله تعالى وروى أبو الطفيل عن ابن عباس أن إبراهيم لما أمر بذبح ابنه عرض له الشيطان بهذا المشعر فسابقه فسبقه إبراهيم ثم ذهب إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم أدركه عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم مضى إبراهيم لأمر الله عز وجل (فلما أسلما وتله للجبين) 104 105 (وناديناه) الواو في وناديناه مقحمة صلة مجازه ناديناه كقوله (وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه) أي أوحينا فنودي من الجبل (أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) تم الكلام ههنا ثم ابتدأ فقال (إنا كذلك نجزي المحسنين) والمعنى إنا كما عفونا عن إبراهيم عند ذبح ولده نجزي من أحسن في طاعتنا قال مقاتل جزاه الله بإحسانه في طاعته العفو عن ذبح ابنه 106 (إن هذا لهو البلاء المبين) الاختيار الظاهر حيث اختبره بذبح ابنه وقال مقاتل البلاء ههنا النعمة وهي أن فدي ابنه بالكبش فإن قيل كيف قال صدقت الرؤيا وكان قد رأى الذبح ولم يذبح قيل جعله مصدقا لأنه قد أتى بما أمكنه والمطلوب إسلامهما لأمر الله تعالى وقد فعلا وقيل كان رأى في
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»