تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٣
ومن الدليل عليه أن قرني الكبش كانا منوطين بالكعبة في أيدي بني إسماعيل إلى أن احترق البيت واحترق القرنان في أيام ابن الزبير والحجاج قال الشعبي رأيت قرني الكبش منوطين بالكعبة وعن ابن عباس قال والذي نفسي بيده لقد كان أول الإسلام وأن رأس الكبش لمعلق بقرنيه في ميزاب الكعبة وقد وحش يعني يبس قال الأصمعي سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح إسحاق كان أو إسماعيل فقال يا أصيمع أين ذهب عقلك متى كان إسحاق بمكة إنما كان إسماعيل بمكة وهو الذي بنى البيت مع أبيه وأما قصة الذبح قال السدي لما دعا إبراهيم فقال رب هب لي من الصالحين وبشر به قال هو إذا لله ذبيح فلما ولد وبلغ معه السعي قيل له أوف بنذرك هذا هو السبب في أمر الله تعالى إياه بذبح ابنه فقال عند ذلك لإسحاق انطلق فقرب قربنانا لله تعالى فأخذ سكينا وحبلا فانطلق معه حتى ذهب به بين الجبال فقال له الغلام يا أبت أين قربانك فقال (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر) وقال محمد بن إسحاق كان إبراهيم إذا زار هاجر وإسماعيل حمل على البراق فيغدو من الشام فيقبل بمكة ويروح من مكة فيبيت عند أهله بالشام حتى إذا بلغ إسماعيل معه السعي وأخذ بنفسه ورجاه لما كان يأمل فيه من عبادة ربه وتعظيم حرماته أمر في المنام أن يذبحه وذلك أنه رأى ليلة التروية كأن قائلا يقول له إن الله يأمرك بذبح ابنك هذا فلما أصبح روى في نفسه أي فكر من الصباح إلى الرواح أمن الله هذا الحكم أم من الشيطان فمن ثم سمي يوم عرفة قال مقاتل رأى ذلك إبراهيم ثلاث ليال متواليات فلما تيقن ذلك أخبر به ابنه فقال (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) قرأ حمزة والكسائي (ترى) بضم التاء وكسر الراء ماذا تشير وإنما أمره ليعلم صبره على أمر الله تعالى وعزيمته على طاعته وقرأ العامة بفتح التاء والراء إلا أبا عمرو فإنه يميل الراء قال له ابنه (يا أبت افعل ما تؤمر) وقال ابن إسحاق وغيره فلما أمر إبراهيم بذلك قال لابنه يا بني خذ الحبل والمدية ننطلق إلى هذا الشعب نحتطب فلما خلا إبراهيم بابنه في شعب ثبير أخبره بما أمر (قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) 103 (فلما أسلما) انقادا وخضعا لأمر الله تعالى قال قتادة أسلم إبراهيم ابنه وأسلم الابن نفسه (وتله للجبين) أي صرعه على الأرض قال ابن عباس اضجعه على الأرض والجبهة بين الجبينين قالوا فقال له ابنه الذي أراد ذبه يا أبت أشد رباطي حتى لا أضطرب واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليها من دمي شيء فينتقص أجري وتراه أمي فتحزن واستحد شفرتك وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون علي فإن الموت شديد وإذا أتيت أمي فاقرأ عليها السلام مني وإن رأيت أن ترد قميصي على أمي فافعل فإنه عسى أن يكون أسلى لها عني فقال له إبراهيم عليه السلام نعم العون أنت يا بني على أمر الله ففعل إبراهيم ما أمر به ابنه ثم أقبل عليه فقبله وقد ربطه وهو يبكي والابن أيضا يبكي ثم إنه وضع السكين على حلقه فلم تحك السكين ويروى أنه كان يجر الشفرة في حلقه ولا
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»