تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٧
زوجها آجب فأجابوها إليه وكان في حكمهم في ذلك الزمان القتل على من سب الملك إذا قامت عليه البينة فأحضرت مزدكي وقالت له بلغني أنك شتمت الملك فأنكر مزدكي فأحضرت الشهود فشهدوا عليه بالزور فأمرت بقتله وأخذت جنينته فغضب الله عليهم للعبد الصالح فلما قدم الملك من سفره أخبرته الخبر فقال لها ما أصبت ولا أرانا نفلح بعده فقد جاورنا منذ زمان فأحسنا جواره وكففنا عنه الأذى لوجوب حقه علينا فختمت أمره بأسوأ الجوار فقالت إنما غضبت وحكمت بحكمك فقال لها أو ما كان يسعه حلمك فتحفظين له جواره قالت قد كان ما كان فبعث الله تعالى إلياس إلى آجب الملك وقومه وأمره أن يخبرهم أن الله تعالى قد غضب لوليه حين قتلوه ظلما وآل على نفسه أنهما إن لم يتوبا عن صنيعهما ويردا الجنينة على ورثة مزدكي أن يهلكهما يعني آجب وامرأته في جوف الجنينة ثم يدعهما جيفتين ملقاتين فيها حتى تتعرى عظامهما من لحومهما ولا يتمتعان بها إلا قليلا قال فجاء إلياس وأخبره بما أوحى الله تعالى إليه في أمره وأمر امرأته والجنينة فلما سمع الملك ذلك استشهد غضبه عليه ثم قال له يا إلياس والله ما أرى ما تدعو إليه إلا باطلا وما أرى فلانا وفلانا سمى ملوكا منهم قد عبدوا الأوثان إلا على مثل ما نحن عليه يأكلون ويتمتعون مملكين ما ينقص من دنياهم أمرهم الذي تزعم أنه باطل وما ترى لنا عليهم من فضل قال وهم الملك بتعذيب إلياس وقتله فلما أحس إلياس بالشر والمكر به رفضه وخرج عنه فلحق بشواهق الجبال وعاد الملك إلى عبادة بعل وارتقى إلياس إلى أصعب جبل وأشمخه فدخل مغارة فيه ويقال إنه بقي سبع سنين شريدا خائفا يأوي إلى الشعاب والكهوف يأكل من نبات الأرض وثمار الشجر وهم في طلبه قد وضعوا عليه العيون والله يستره فلما تم سبع سنين أذن الله في إظهاره عليهم وشفاء غيظه منهم فأمرض الله عز وجل ابنا لآجب وكان أحب ولد إليه وأشبههم به فأدنف حتى يئس منه فدعا صنمه بعلا وكانوا قد فتنوا ببعل وعظموه حتى جعلوا له أربعمائة سادن فوكلوهم به وجعلوهم أنبياء وكان الشيطان يدخل في جوف الصنم فيتكلم والأربعمائة يصغون بآذانهم إلى ما يقول الشيطان ويوسوس إليهم الشيطان بشريعة من الضلالة فيبينونها للناس فيعملون بها ويسمونهم أنبياء فلما اشتد مرض ابن الملك طلب إليهم الملك أن يتشفعوا إلى بعل ويطلبوا لابنه من قبله الشفاء فدعوه فلم يجبهم ومنع الله الشيطان فلم يمكنه الولوج في جوفه وهم مجتهدون في التضرع إليه فلما طال عليهم ذلك قالوا لآجب إن في ناحية الشام آلهة أخرى فابعث إليها أنبياءك فلعلها تشفع لك إلى إلهك بعل فإنه غضبان عليك ولولا غضبه عليك لأجابك قال ومن أجل ماذا غضب علي وأنا أطيعه قالوا من أجل أنك لم تقتل إلياس وفرطت فيه حتى نجا سليمان وهو كافر بإلهك قال آجب وكيف لي أن أقتل إلياس وأنا مشغول عن طلبه بوجع ابني وليس لإلياس مطلب ولا يعرف له موضع فيقصد فلو عوفي ابني لفرغت لطلبه حتى أجده فأقتله فأرضي إلهي ثم إنه بعث أنبياءه الأربعمائة إلى الآلهة التي بالشام يسألونها أن تشفع إلى صنم الملك ليشفي ابنه فانطلقوا حتى إذا كان بحيال الجبل الذي فيه إلياس أوحى الله تعالى إلى إلياس عليه السلام أن يهبط من الجبل ويعارضهم ويكلمهم وقال الله لا تخف فإني سأصرف عنك شرهم وألقي الرعب في قلوبهم فنزل إلياس من الجبل فلما لقيهم استوقفهم فلما وقفوا قال
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»