يروعوه ثم أظهر مع الكاتب الإنابة وقال له إنه قد آن لي أن أتوب وقد أصابتنا بلايا من حريق أصحابنا والبلاء الذي فيه ابني وقد عرفت أن ذلك بدعوة إلياس ولست آمن أن يدعو على جميع من بقي منا فنهلك بدعوته فانطلق إليه وأخبره إنا قد تبنا وأنبنا وأنه لايصلحنا في توبتنا وما نريد من رضاء ربنا وخلع أصنامنا إلا أن يكون إلياس بين أظهرنا يأمرنا وينهانا ويخبرنا بما يرضي ربنا وأمر قومه فاعتزلوا الأصنام وقال له أخبر إلياس أنا قد خلعنا آلهتنا التي كنا نعبد وأرجينا أمرها حتى ينزل إلياس فيكون هو الذي يحرقها ويهلكها بيده وكان ذلك مكرا من الملك فانطلق الكاتب والفئة حتى علا الجبل الذي فيه إلياس ثم ناداه فعرف إلياس صوته فتاقت نفسه إليه وكان مشتاقا إلى لقائه فأوحى الله تعالى إليه أن ابرز إلى أخيك الصالح فالقه وجدد العهد فبرز إليه وسلم عليه وصافحه وقال ما الخبر فقال المؤمن إنه قد بعثني إليك هذا الجبار الطاغي وقومه وقص عليه ما قالوا ثم قال وإني لخائف إن رجعت إليه ولست معي فيقتلني فمرني بما شئت أفعله إن شئت انقطعت إليك وكنت معك وتركته وإن شئت جاهدته معك وإن شئت ترسلني إليه بما تحب فأبلغه رسالتك وإن شئت دعوت ربك يجعل لنا من أمرنا رشدا وفرجا ومخرجا فأوحى الله تعالى إلى إلياس أن كل شيء جاءك منهم مكر وكذب ليظفروا بك وإن آجب إن أخبرته رسله أنك قد لقيت هذا الرجل ولم يأت بك اتهمه وعرف أنه قد داهن في أمرك فلم يأمن أن يقتله فانطلق معه فإني سأشغل عنكما آجب فأضاعف على ابنه البلاء حتى لا يكون له هم غيره ثم أميته على شر حال فإذا مات هو فارجع عنه قال فانطلق معهم حتى قدموا على آجب فلما قدموا شدد الله تعالى الوجع على ابنه وأخذ الموت يكظمه فشغل الله تعالى بذلك آجب وأصحابه عن إلياس فرجع إلياس سالما إلى مكانه فلما مات ابن آجب وفرغوا من أمره وقل جزعه انتبه لإلياس وسأل عنه الكاتب الذي جاء به فقال له ليس لي علم به شغلني عنه موت ابنك والجزع عليه ولم أكن أحسبك إلا قد استوثقت منه فأعرض عنه آجب وتركه لما فيه من الحزن على ابنه فلما طال الأمر على إلياس من السكون في الجبال واشتاق إلى الناس نزل من الجبل فانطلق حتى نزل بامرأة من بني إسرائيل وهي أم يونس بن متى ذي النون استخفى عندها ستة أشهر ويونس بن متى يومئذ مولود يرضع فكانت أم يونس تخدم بنفسها وتواسيه بذات يدها ثم إن إلياس سئم ضيق البيوت بعد تعود فسحة الجبال فأحب اللحوق بالجبال فخرج وعاد إلى مكانه فجزعت أم يونس لفراقه فأوحشها فقده ثم لم تلبث إلا يسيرا حتى مات ابنها يونس حين فطمته فعظمت مصيبتها فخرجت في طلب إلياس فلم تزل ترقى الجبال وتطوف فيها حتى عثرت عليه فوجدته وقالت له إني قد فجعت بعدك لموت ابني فعظمت فيه مصيبتي واشتد لفقده بلائي وليس لي ولد غيره فارحمني وادع لي ربك جل جلاله ليحيي لي ابني وإني قد تركته مسجى لم أدفنه وقد أخفيت مكانه فقال لها إلياس ليس هذا مما أمرت به وإنما أنا عبد مأمور أعمل بما يأمرني ربي فجعت المرأة وتضرت فأعطف الله تعالى قلب إلياس لها فقال لها متى مات ابنك قالت منذ سبعة أيام فانطلق إلياس معها وسار سبعة أيام أخرى حتى انتهى إلى منزلها فوجد ابنها ميتا له أربعة عشر يوما فتوضأ وصلى ودعا فأحيا الله تعالى يونس بن متى فلما عاش وجلس وثب إلياس وتركه وعاد إلى
(٣٩)