تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٩٨
بابل فأقام بنو إسرائيل في يده مائة سنة يستعبدهم المجوس وأبناء المجوس فيهم الأنبياء ثم إن الله رحمهم فأوحى إلى ملك من ملوك فارس يقال له كورش وكان مؤمنا أن يسير إليهم ليستنقذ بقايا بني إسرائيل فسار كورش لبني إسرائيل وحلى بيت المقدس حتى رده إليه فأقام بنو إسرائيل مطيعين لله تعالى مائة سنة ثم إنهم عادوا في المعاصي فسلط الله عليهم ملكا يقال له أنطانيوس فغزا بني إسرائيل حتى أتاهم بيت المقدس فسبى أهلها وأحرق بيت المقدس وقال لهم يا بني إسرائيل إن عدتم في المعاصي عدنا عليكم بالسبي فعادوا فسلط الله عليهم ملك رومية يقال له فاقس بن أتسيانوس فغزاهم في البر والبحر فسباهم وسبى حلي بيت المقدس وأحرق بيت المقدس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا من صفة حلي بيت المقدس ويرده المهدي إلى بيت المقدس هو ألف وسبعمائة سفينة يرمي بها على حتى تنقل إلى بيت المقدس وبها يجمع الله الأولين والآخرين \ قال محمد بن إسحاق كانت بنو إسرائيل فيهم الأحداث والذنوب وكان الله في ذلك متجاوزا عنهم محسنا إليهم وكان أول ما نزل بهم بسبب ذنوبهم كما أخبر على لسان موسى عليه السلام إن ملكا منهم كان يدعى صديقة وكان الله تعالى إذا ملك الملك عليهم بعث معه نبيا يسدده ويرشده لا ينزل عليهم الكتب إنما يؤمرون باتباع التوراة والأحكام التي فيها فلما ملك ذلك الملك بعث الله معه شعياء بن أصفيا وذلك قبل مبعث زكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام وشعياء هو الذي بشر بعيسى ومحمد عليهما السلام فقال أبشري أورستم الآن يأتيك راكب الحمار ومن بعده صاحب البعير فملك ذلك الملك بني إسرائيل وبيت المقدس زمانا طويلا فلما انقضى ملكه عظمت فيهم الأحداث وشعياء معه بعث الله عليهم سنجاريب ملك بابل معه ستمائة ألف راية فأقبل سائرا حتى نزل حول بيت المقدس والملك مريض في ساقه قرحة فجاء النبي شعياء وقال له يا ملك بني إسرائيل إن سنجاريب ملك بابل قد نزل بك هو وجنوده بستمائة ألف راية وقد هابهم الناس وفرقوا فكبر ذلك على الملك فقال يا نبي الله هل أتاك وحي من الله فيما حدث فتخبرنا به كيف يفعل الله بنا وبسنجاريب وجنوده فقال لم يأتيني وحي فبينما هم على ذلك أوحى الله إلى شعياء النبي أن ائت ملك بني إسرائيل فمر أن يوصي وصيته ويستخلف على ملكه من يشاء من أهل بيته فأتى شعياء ملك بني إسرائيل صديقة فقال له إن ربك قد أوحى إلي أن آمرك أن توصي وصيتك وتستخلف من شئت على ملكك من أهل بيتك فإنك ميت فلما قال شعياء لصديقة أقبل على القبلة فصلى ودعا وبكى فقال وهو يبكي ويتضرع إلى الله بقلب مخلص اللهم رب الأرباب وإله الآلهة يا قدوس المقتدس يا رحمن يا رحيم يا رؤوف الذي لا تأخذه سنة ولا نوم اذكرني بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل وذلك كله كان منك وأنت أعلم به مني سري وعلانيتي لك وأنت الرحمن فاستجاب له وكان عبدا صالحا فأوحى الله تعالى إلى شعياء صديقة أن ربه قد استجاب له ورحمه وأخر له أجله خمس عشر سنة وأنجاه من عدوه سنجاريب فأتاه شعياء فأخبره بذلك فلما قال له ذلك ذهب عنه الوجع وانقطع عنه الحزن وخر ساجدا لله وقال يا إلهي وإله آبائي لك سجدت وسبحت وكبرت وعظمت أنت الذي تعطي الملك لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير عالم الغيب والشهادة أنت الأول والآخر والظاهر والباطن وأنت
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»