سورة النحل من الآية 47 وحتى الآية 50 ظل (يتفيؤا) قرأ أبو عمر ويعقوب بالتاء والآخرون بالياء (ظلاله) أي تميل وتدور من جانب إلى جانب فهي في أول النهار على حال ثم تتقلص ثم تعود في آخر النهار إلى حال أخرى سجدا لله فميلانها ودورانها سجودها لله عز وجل ويقال للظل بالعشي فيء لأنه فاء أي رجع من المغرب إلى المشرق فالفىء الرجوع والسجود الميل ويقال سجدت النخلة إذا مالت قوله عز وجل (عن اليمين والشمائل سجدا لله) قال قتادة والضحاك أما اليمين فأول النهار والشمال آخر النهار تسجد الظلال لله وقال الكلبي الظل قبل طلوع الشمس عن يمينك وعن شمالك وقدامك وخلفك وكذلك إذا غابت فإذا طلعت كان من قدامك وإذا ارتفعت كان عن يمينك ثم بعده كان خلفك فإذا كان قبل أن تغرب الشمس كان عن يسارك فهذا تفيؤه وتقلبه وهو سجوده وقال مجاهد إذا زالت الشمس سجد كل شيء لله وقيل المراد من الظلال سجود الأشخاص فإن قيل لم وحد اليمين وجمع الشمائل قيل من شأن العرب في اجتماع العلامتين الاكتفاء بواحدة كقوله تعالى (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) وقوله (يخرجهم من الظلمات إلى النور) وقيل اليمين يرجع إلى قوله (ما خلق الله) ولفظ (ما) واحد والشمائل جمع يرجع إلى المعنى (وهم داخرون) صاغرون 49 (ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض) إنما أخبر بما لغلبة ما لا يعقل على من يعقل في العدد والحكم للأغلب كتغليب المذكر على المؤنث (من دابة) أراد من كل حيوان يدب ويقال السجود الطاعة والأشياء كلها مطيعة لله عز وجل من حيوان وجماد قال الله تعالى (قالتا أتينا طائعين) وقيل سجود الأشياء تذللها وتسخرها لما أريدت له وسخرت له وقيل سجود الجمادات وما لا يعقل ظهور أثر الصنع فيه على معنى أنه يدعو الغافلين إلى السجود عند التأمل والتدبر فيه قال الله تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق) (والملائكة) خص الملائكة بالذكر مع كونهم من جملة ما في السماوات والأرض تشريفا ورفعا لشأنهم وقيل لخروجهم من الموصوفين بالدبيب إذ لهم أجنحة يطيرون بها وقيل أراد ولله يسجد ما في السماوات من الملائكة وما في الأرض من دابة وتسجد الملائكة (وهم لا يستكبرون) 50 (يخافون ربهم من فوقهم) كقوله (وهو القاهر فوق عباده) (ويفعلون ما يؤمرون) أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا محمد بن سمعان ثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الشعراني ثنا محمد بن يحيى الذهلي ثنا عبيد الله بن موسى العبسي ثنا إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن مورق عن أبي
(٧١)