تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥٥٦
يتحدثون بأمرهم وشأنهم (ومزقناهم كل ممزق) فرقناهم في كل وجه من البلاد كل التفريق قال الشعبي لما غرقت قراهم تفرقوا في البلاد أما غسان فلحقوا بالشام ومر الأزد إلى عمان وخزاعة إلى تهامة ومر آل خزيمة إلى العراق والأوس والخزرج إلى يثرب وككان الذي قدم منهم المدينة عمرو بن عامر وهو جد الأوس والخزرج (إن في ذلك لآيات) لعبرا ودلالات (لكل صبار) عن معاصي الله (شكور) لأنعمه قال مقاتل يعني المؤمن من هذه الأمة صبور على البلاء شاكر للنعماء قال مطرف هو المؤمن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر 20 قوله تعالى (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه) قرأ أهل الكوفة (صدق) بالتشديد أي ظن فيهم ظنا حيث قال (فبعزتك لأغوينهم أجمعين) (ولا تجد أكثرهم شاكرين) فصدق ظنه وحقه بفعله ذلك بهم واتباعهم إياه وقرأ الآخرون بالتخفيف أي صدق عليهم في ظنه بهم أي على أهل سبأ وقال مجاهد على الناس كلهم إلا من أطاع الله (فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) قال السدي عن ابن عباس يعني المؤمنين كلهم الآن المؤمنين لم يتبعوه في أصل الدين وقد قال الله تعالى (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) يعني المؤمنين وقيل هو خاص بالمؤمنين الذين يطيعون الله ولا يعصونه قال ابن قتيبة إن إبليس لما سأل النظرة فأنظره الله قال لأغوينهم أجمعين وللأضلنهم لم يكن مستيقنا وقت هذه المقالة أن ما قاله فيهم يتم وإنما قاله ظنا فيهم فلما اتبعوه وأطاعوه صدق عليهم ما ظنه قال الحسن إنه لم يسل عليهم سيفا ولا ضربهم بسوط وإنما وعدهم ومناهم فاغتروا سورة سبأ 21 22 21 قال الله تعالى (وما كان له عليهم من سلطان) أي ما كان تسليطا إياه عليهم (إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك) أي إلا لنعلم أي لنرى ونميز المؤمن من الكافر وأراد علم الوقوع والظهور وقد كان معلوما عنده بالغيب (وربك على كل شيء حفيظ) رقيب 22 (قل) يا محمد لكفار مكة (ادعوا الذين زعمتم) أنهم آلهة (من دون الله) وفي الآية حذف أي ادعوهم ليكشفوا الضر الذي نزل بكم في سني الجوع ثم وصفها فقال (لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض) من خير أو شر ونفع وضر (وما لهم) أي للآلهة (فيهما) في السماوات والأرض (من شرك) من شركة (وما له) أي وما لله (منهم من ظهير)
(٥٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 ... » »»