تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥٥٥
هذا من ذلك بل كان سدرا بريا لا ينتفع به ولا يصلح ورقة لشيء قال قتادة كان شجر القوم من خير الشجر فصيره الله بأعمالهم سورة سبأ 17 20 17 (ذلك جزيناهم بما كفروا) أي ذلك الذي فعلنا بهم جزيناهم بكفرهم (وهل نجازي إلا الكفور) قرأ حمزة والكسائي وحفص ويعقوب (وهل نجازي) بالنون وكسر الزاي (الكفور) نصب لقوله (ذلك جزيناهم) وقرأ الآخرون بالياء وفتح الزاي (الكفور) رفع أي وهل يجازي مثل هذا الجزاء إلا الكفور وقال مجاهد يجازي أي يعاقب ويقال في العقوبة يجازي وفي المثوبة يجزي قال مقاتل هل يكافأ بعمله السيء إلا الكفور لله في نعمه قال الفراء المؤمن يجزى ولا يجازى أي يجزى للثواب بعمله ولا يكافأ بسيئاته 18 (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها) بالماء والشجر هي قرى الشام (قرى ظاهرة) متواصلة تظهر الثانية من الأولى لقربها منها وكان متجرهم من اليمن إلى الشام فكانوا يبيتون بقرية ويقيلون بأخرى وكانوا لا يحتاجون إلى حمل زاد من سبأ إلى الشام وقيل كانت قراهم أربعة آلاف وسبعمائة قرية متصلة من سبأ إلى الشام (وقدرنا فيها السير) أي قدرنا سيرهم بين هذه القرى وكان مسيرهم في الغدو والرواح على قدر نصف يوم فإذا ساروا نصف يوم وصلوا إلى قرية ذات مياه وأشجار وقال قتادة كانت المرأة تخرج ومعها مغزلها وعلى رأسها مكتلها فتمتهن بمغزلها فلا تأتي بينها حتى يمتلئ مكتلها من الثمار وكان ما بين اليمن والشام كذلك (سيروا فيها) أي وقلنا لهم سيروا فيها وقيل هو أمر بمعنى الخبر أي مكناهم من السير فكانوا يسيرون فيها (ليالي وأياما) أي باللي اليو الأيام أي وقت شئتم (آمنين) لا تخافون عدوا ولا جوعا ولا عطشا فبطروا وطغوا ولم يصيروا على العاقبة وقالوا لو كانت جناتنا أبعد مما هي كان أجدر أن تشتهيه 19 (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا) فاجعل بيننا وبين الشام فلوات ومفاوز لنركب فيها الرواحل ونتزود الأوزاد فعجل الله لهم الإجابة وقال مجاهد بطروا النعمة وسئموا الراحة وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بعد التشديد من التبعيد وقرأ الآخرون باعد بالألف وكل على وجه الدعاء والسؤال وقرأ يعقوب (ربنا) برفع الباء (باعد) بفتح العين والدال على الخبر كأنهم استبعدوا أسفارهم القريبة بطروا وأشروا (وظلموا أنفسهم) بالبطر والطغيان قوله تعالى (فجعلناهم أحاديث) عبرة لمن بعدهم
(٥٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 ... » »»