فينزل ليلا بالتسبيح معه وقال وهب نوحي معه (والطير) عطف على موضع الجبال لأن كل منادى في موضع النصب وقيل معناه وسخرنا وأمرنا الطير أن تسبح معه وقرأ يعقوب (والطير) بالرفع ردا على الجبال أي أوبي أنت والطير وكان داود إذا نادى بالناحية أجابته الجبال بصداها وعكفت الكير عليه من فوقه فصدى الجبال الذي يسمعه الناس اليوم من ذلك وقيل كان داود إذا تخلل الجبال فسبح الله جعلت الجبال تجاوبه بالتسبيح نحو ما يسبح وقيل كان داود صلى الله عليه وسلم إذا لحقه فتور أسمعه الله تسبيح الجبال تنشيطا له (وألنا له الحديد) حتى كان الحديد في يده كالشمع والعجين يعمل فيه ما يشاء من غير نار ولا ضرب مطرقة وكان سبب ذلك على ما روي من الإخبار أن داود صلى الله عليه وسلم لما ملك بني إسرائيل كان ما عادته أن يخرج للناس متنكرا فإذا رأى رجلا لا يعرفه يقدم إليه ويسأله عن داود ويقول له ما تقول في داود وإليكم هذا أي رجل هو فيثنون عليه ويقولون خيرا فقيض الله له ملكا في صورة آدمي فلما رآه داود تقدم إليه على عادته فسأله فقال الملك نعم الرجل هو لولا خصلة فيه فراع داود ذلك وقال ما هي يا عبد الله قال إنه يأكل ويطعم عياله فألان الله تعالى له الحديد وعلمه صنعة الدرع وإنه أول من اتخذها ويقال إنه كان يبيع كل درع بأربعة آلاف درهم فيأكل ويطعم منها عياله ويتصدق منها على الفقراء والمساكين ويقال إنه كان يعمل كل يوم درعا يبيعها بستة آلاف درهم فينفق ألفين منها على نفسه وعياله ويتصدق بأربعة آلاف على فقراء بني إسرائيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان داود صلى الله عليه وسلم لا يأكل إلا من عمل يده 11 (أن اعمل سابغات) دروعا كوامل واسعات طوالا تسحب في الأرض (وقدر في السرد) والسرد نسج الدروع يقال لصانعه السراد والزراد يقول قدر المسامير في حلق الدرع أي لا تجعل المسامير دقاقا فتفلت ولا غلاظا فتكسر الحلق ويقال السر المسمار في الحلقة يقال درع مسرودة أي مسمورة الحلق وقدر في السرد اجعله على القصد وقدر الحاجة (واعملوا صالحا) يريد داود وآله (إني بما تعملون بصير) 12 (ولسليمان الريح) أي وسخرنا لسليمان الريح وقرأ أبو بكر عن عاصم الريح بالرفع أي سخر له الريح (وغدوها شهر ورواحها شهر) أي سير غدو تلك الريح المسخرة له مسيرة شهر وسير رواحها
(٥٥٠)