تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥٢٧
وأسرحكن سراحا جميلا) بدليل انه لم يكن جوابهن على الفور فإنه قال لعائشة لا تعجلي حتى تستشيري أبويك وفي تفويض الطلاق يكون الجواب على الفور وذهب قوم إلى أنه كان تفويض الطلاق لو اخترن أنفسهم كان طلاقها واختلف أهل العلم في حكم التخيير فقال عمر وابن مسعود وابن عباس إذا خير الرجل امرأته فاختارت زوجها لا يقع شيء وان اختارت نفسها يقع طلقة واحدة وهو قول عمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلة وسفيان والشافعي وأصحاب الرأي إلا أن عند أصحاب الرأي تقع طلقة بائة إذا اختارت نفسها وعند الآخرين رجعية وقال زيد بن ثابت إذا اختارت الزوج تقع طلقة واحدة وإذا اختارت نفسها فثلاث وهو قول الحسن وبه قال مالك وروي عن علي أيضا إذا اختارت زوجها تقع طلقة واحدة وان اختارت نفسها فطلقة بائنة وأكثر العلماء على إنها إذا اختارت زوجها لا يقع شيء أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن إسماعيل أنا عمر بن حفص أنا أبي أنا الأعمش أنا مسلم عن مسروق عن عائشة قالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترنا الله ورسوله فلم يعد ذلك علينا شيئا 30 قوله عز وجل (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة) بمعصية ظاهرة قيل هي كقوله عز وجل (لئن أشركت ليحبطن عملك) لا أن منهن من اتت بفاحشة وقال ابن عباس المراد بالفاحشة النشور وسوء الخلق (يضاعف لها العذاب ضعفين) قرأ ابن كثير وابن عامر (نضعف) بالنون وكسر العين وتشديدها (العذاب) نصب وقرأ الآخرون بالياء وفتح العين (العذاب) رفع ويشددها أبو جعفر أهل البصرة وشدد أبو عمرو هذه وحدها لقوله (ضعفين) وقرأ الآخرون (يضاعف) بالألف وفتح العين (العذاب) رفع وهما ملغتان مثل بعد وباعد قال أبو عمرو وأبو عبيدة ضعفت الشيء إذا جعلته أمثاله (وكان ذلك على الله يسيرا) قال مقاتل كان عذابها على الله ههنا وتضعيف عقوبتهن على المعصية لشرفهن كتضعيف عقوبة الحرة على الأمة وتضعيف ثوابهن لرفع منزلتهن وفيه إشارة إلى انهن اشرف نساء العالمين 31 (ومن يقنت) يطع (منكن لله ورسوله) قرأ يعقوب (من تأت منكن وتقنت) بالتاء فيهما وقرأ العامية بالياء لأن (من) أداة تقوم مقام الاسم يعبر به عن الواحد والجمع والمذكر والمؤنث (وتعمل صالحا نؤتها اجرها مرتين) أي مثل اجر غيرها قال مقاتل مكان كل حسنة عشرين حسنة وقرأ حمزة والكسائي (يعمل يؤتها) بالياء فيهما نسقا على قوله (ومن يأت ويقنت) وقرأ الآخرون (تعمل) بالتاء (وأعتدنا لها رزقا كريما) حسنا يعني الجنة 32 (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) قال ابن عباس يريد ليس قدركن عندي مثل قدر غيركن النساء الصالحات أنتن أكرم علي وثوابكن أعظم لدي ولم يقل كواحدة لان الأحد عام يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث قال الله تعالى (لا نفرق بين أحد من رسله) وقال (فما منكم من أحد عنه حاجزين) (إن اتقيتن) الله اطعنه (فلا تخضعن بالقول) لا تلن بالقول للرجال ولا ترققن الكلام (فيطمع الذي في قلبه مرض) أي فجور وشهوة وقيل نفاق والمعنى لا تقلن قولا يجد منافق أو فاجر به سبيلا إلى الطمع فيكن والمرأة مندوبة إلى الغلظة في المقالة إذا خاطبت الأجانب
(٥٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 ... » »»