تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥٢٢
حكم التوراة أبدا ولا نستبدل به غيره قال كعب فإذا أبيتم هذه فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نرج إلى محمد رجالا مصلتين بالسيوف ولم نترك وراءنا ثقلا يهمنا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد فإن نهلك ولم نترك وراءنا شيء نخشى عليه وان تظهر فلعمري لنتخذن النساء والأبناء فقالوا نقتل هؤلاء المساكين فيما خير في العيش بعدهم قال فإن أبيتم هذه فإن الليلة ليلة السبت وانه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد امنوا فيها فانزلوا لعلنا أن نصيب من محمد وأصحابه غرة قالوا انفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يكن اجدث فيه من كان قبلنا إلا من قد عملت فأصابهم من المسخ ما لم يخف عليك فقال ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما قال ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف وكانوا حلفاء الأوس نستشيره في أمرنا فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فلما رأوه قام إليه الرجال وهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم فقالوا يا أبا لبابة أترى لنا أن ننزل على حكم محمد قال نعم قالوا ماذا يفعل بنا إذا نزلنا فأشار بيده إلى حلقة انه الذب قال أبو لبابة فوالله ما زالت قدماي حتى عرفت أين قد خنت الله ورسوله ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده وقال لا أبرح من مكاني حتى يتوب الله علي مما صنعت وعاهد الله أن لا يطأ أرض بني قريظة أبدا ولا يراني الله في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره وأبطأ علهي قال أما لو قد جاءني لاستغفرت له فأما إذا فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه ثم أن الله تعالى انزل توبة أبي لبابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت أم سلمة قالت أم سلمة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك فقلت مما تضحك يا رسول الله اضحك الله سنك قال تيب على أبي لبابة فقلت إلا أبشره بذلك يا رسول الله فقال بلى أن شئت فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقالت يا أبا لبابة ابشر فقد تاب الله عليك قال فثار الناس عليه ليطلقوه فقال لا والله حتى يكون رسول الله هو الذي يطلقني بيده فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا إلى الصبح أطلقه قال ثم أن ثعلبة بن سعيد وأسيد بن سعيد وأسيد بن عبيد وهم نفر من بني هذيل ليسوا من بني قريظة ولا النضير نسبهم فوق ذلك هم بنو عم القوم اسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها بنو قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدي القرظي فمر بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه محمد بن سلمة الأنصاري تلك الليلة فلما رآه قال من هذا قال عمرو بن سعدي وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا اغدر بمحمد أبدا فقال محمد بن مسلمة حين عرفه اللهم لا تحرمني من عثرات الكرام ثم خلى سبيله فخرج على وجهه حتى بات في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تلك الليلة ثم ذهب فلا يدري أين ذهب من ارض الله فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم شأنه فقال ذاك رجل قد أنجاه الله بوفائه وبعض الناس يزعم أنه كان قد أوثق برمة فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول اله صلى الله عليه وسلم فأصبحت رمته ملقاة لا يدري أين ذهب فقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة والله أعلم فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله فتواثبت الأوس فقالوا يا رسول الله انهم موالينا دون الخزرج وقد فعلت في موالي الخزرج بالأمس ما قد
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»