تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥٢٨
سورة الأحزاب (33 34) لقطع الأطماع (وقلن قولا معروفا) ما يوجبه الدين والالسام بتصريح وبيان من غير خضوع 33 (وقرن في بيوتكن) قرأ أهل المدينة وعاصم (وقرن) بفتح القاف وقرأ الآخرون بكسرها فمن فتح القاف فمعناه اقررن أي الزمن بيوتكن من قولهم قررت بالمكان أقر قرا ويقال قررت أقر وقررت اقروهما لغتان فحذفت الراء الأولى التي هي عين الفعل لثقل التضعيف ونقلت حركتها إلى القاف كما ذكرنا وقيل هو الأصح انه أمر من الوقار كقولهم من الوعد عدن ومن الوصل صلن أي كن أهل وقار وسكون من قولهم وقر فلان يقر وقورا إذا سكن واطمأن (ولا تبجرن) قال مجاهد وقتادة التبرج هو التكسر والتغنج وقال ابن أبي نجيح هو التبختر وقيل هو اظهار الزينة وابراز المحاسن للرجال (تبرج الجاهلية الأولى) اختلفوا في الجاهلية الأولى قال الشعبي هي ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وقال أبو العالية هي في زمن داود وسليمان عليهما السلام كانت المرأة تلبس قميصا نم الدر غير مخيط من الجانبين فيرى حلقها فيه وقال الكلبي كان ذلك في زمن نمرود الجبار كانت المرأة تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه وتمشي وسط الطريق ليس عليها شيء غيره وتعرض نفسها على الرجال وروى عن عكرمة عن ابنعباس أنه قال الجاهلية الأولى بين نوح وإدريس وكانت ألف سنة وان بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسك السهل والآخر يسكن الجبل وكان رجال الجبل صباحا وفي النساء دمامة وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة وأن إبليس أتى رجلا من أهل لاسهل واجر نفسه منه فكان يخدمه واتخذ شيئا مثل الذي يزمر به الرعاء فجاء بصوت لم يسمع الناس بمثله فبلغ ذلك من حوله فأتوهم يستمعون إليه فاتخذوا عيدا يجتمعون إليه فيه في السنة فتتبرج النساء للرجال ويتزين الرجال هن وان رجلا من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك فتحولوا إليهم فنزلوا معهم فظهرت الفاحشة فيهم فذلك قوله تعالى (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) وقال قتادة هي ما قبل الإسلام وقيل الجاهلية الأولى ما ذكرنا والجاهلية الأخرى قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان وقيل قد تذكر الأولى وان لم يكن لها أخرى كقوله تعالى (وانه أهلك عادا الأولى) ولم يكن لها أخرى قوله تعالى (وأقمن الصلاة وآتين الزكاة واطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) أراد بالرجس الاثم الذي نهى الله النساء عنه قاله مقاتل وقال ابن عباس يعني عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضا وقال قتادة يعني السوء وقال مجاهد الرجس الشك أراد بأهل البيت نساء النبي صلى الله عليه وسلم لأنهن في بيته وهو رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس وتلا قوله (واذكرن ما يتلى في
(٥٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 ... » »»