تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥٣٨
ودعنا على حالنا فنزلت هذه الآية فأرجى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهن وآوى إليه بعضهن وكان ممن آوى إليه عائشة وحفصة وزينب وأم سلمة فكان قسم بينهن سواء وارجى منه خمسا أم حبيبة وميمونة وسودة وصفية وجويرية فكان قيسم لهن ما شاء وقال مجاهد ترجي من تشاء منهن يعني تعزل من تشاء منهن بغير طلاق وترد إليك من تشاء بعد العزل بلا تجديد عقد وقال ابن عباس تطلق منهن وتمسك من تشاء وقال الحسن تترك نكاح من شئت وتنكح من شئت من تساء أمتك قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة لم يكن لغيره خطبتها حتى يتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل تقبل من تشاء من المؤمنات اللاتي يهبن أنفسهن لك فتؤيها إليك وتترك من تشاء فلا تقبلها أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا محمد بن سلام أنا بن فضيل أنا هشام عن أبيه قال كانت خولة بنت حكيم من اللاتي وهين أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل فلما نزلت (ترجي من تشاء منهن) قلت يا رسول الله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك قوله تعالى (ومن ابتغيت ممن عزلت) أي طلبت واردت أن تؤوي إليك امرأة ممن عزلتهن عن القسم (فلا جناح عليك) لا اثم عليك فأباح الله له ترك القسم لهن حتى أنه ليؤخر من يشاء منهن في نوبتها ويطأ من يشاء منهن في غير نوبتها ويرد إلى فراشه من عزلها تفضيلا له على سائر الرجال (ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن) أي التخيير الذي خيرتك في صحبتهن أقرب إلى رضاهن وأطيب لأنفسهن وأقل لحزنهن إذا علمن أن ذلك من الله عز وجل (ويرضين بما آتيتهن) أعطيتهن (كلهن) من تقرير وارجاء وعزل وايواء (والله يعلم ما في قلوبكم) من أمر النساء والميل إلى بعضهن (وكان الله عليما حليما) 52 قوله تعالى (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج) قرأ أبو عمرو ويعقوب (لا تحل) بالتاء وقرأ الآخرون بالياء من بعد يعني م بعد هؤلاء التسع اللاتي خيرتهن فاخترنك وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خيرهن فاخترن الله ورسوله شكر الله لهن وحرم عليه النساء سواهن ونهاه عن تطليقهن وعن الاستبدال بهن هذا قول ابن عباس وقتادة واختلفوا في أنه هل أبيح له النساء من بعد قالت عائشة ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء سواهن وقال انس مات على التحريم وقال عكرمة والضحاك معنى الآية لا يحل لك النساء إلا اللاتي في أحللنا لك وهو قوله (إنا أحللنا لك أزواجك) الآية ثم قال (لا يحل لك النساء من بعد) إلا التي أحللنا لك بالصفة التي تقدم ذكرها وقيل لأبي بن كعب لو مات نساء النبي صلى الله عليه وسلم أكان يحل له أن يتزوج قال وما يمنعه من ذلك قيل قوله عز وجل (لا يحل لك النساء من بعد) قال إنما أحل الله له ضربا من النساء فقال (يا آيها النبي إا أحللنا لك أزوجك) ثم قال (لا يحل لك النساء من بعد) قال أبو صالح أمر أن لا يتزوج اعرابية ولا عربية ويتزوج من نساء قومه من بنات العم والعمة والخالة أن شاء ثلاثمائة وقال مجاهد معناه لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات بعد المسلمات ولا أن تبدل بهن يقول ولا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من اليهود والنصارى يقول لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية إلا ما ملكت يمينك أحل
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»