سورة الأحزاب (21 23) امركم وقرأ يعقوب (يساءلون) مشددة ممدودة أي يتساءلون (ولو كانوا) يعني هؤلاء النمافقين (فيكم ما قاتلوا إلا قليلا) تعذيرا أي قاتلون قليلا يقيمون به عذرهم فيقولون قد قاتلنا قال الكلبي إلا قليلا أي رميا بالحجارة وقال مقاتل إلا رياء وسمعة من غير احتساب قوله عز وجل 21 (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) قرأ عاصم (أسوة) حيث كانت بضم الهمزة والباقون بكسرها وهم لغتان أي قدوة صالحة وهي فعلة من الائتساء كالقدوة من الاقتداء اسم وضع موضع المصدر أي به اقتداء حسن أن تنصروا دين الله وتوازنوا الرسول ولا تتخلفوا عنه وتصبروا على ما يصيبكم كما فعل هو إذ كسرت رباعيته وجرح وجهه وقتل عمه واوذي بضروب من الأذى فواساكم مع ذلك بنفسه فافعلوا أنتم كذلك أيضا واستنوا بسنته (لمن كان يرجو الله) بدل من قوله لكم وهو تخصيص بعد تعميم للمؤمنين يعين أن الأسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم لمن كان يرجو الله قال ابن عباس يرجو ثواب الله وقال مقال يخشى الله (واليوم الآخر) أي يخشى يوم البعث الذي فيه جزاء الأعمال (وذكر الله كثيرا) في جميع المواطن على السراء والضراء ثم وصف حال المؤمنين عند لقاء الأحزاب فقال 22 (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا) تسليما لأمر الله وتصديقا لوعده (هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله) وعد الله إياهم ما ذكر في سورة البقرة (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم) إلى قوله (ألا إن نصر الله قريب) فالآية تتضمن أن المؤمنين يلحقهم مثل ذلك البلاء فلما رأوا الأحزاب وما أصابهم من الشدة قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله (وما زادهم إلا ايمانا وتسليما) أي تصديقا لله وتسليما لأمر الله قوله عز وجل 23 (من المؤمنين رجال صدقا ما عاهدوا الله عليه) أي قاموا بما عاهدوا الله عليه ووفوا به (فمنهم من قضى نحبه) أي فرغ من نذره ووفى بعهده فصبر على الجهاد حتى استشهد والنحب النذر والنحب الموت أيضا قال مقاتل قضى نحبه يعني اجله فقتل على الوفاء يعني حمزة وأصحابه وقيل قضى نحبه أي بذل جهده في الوفاء بالعهد من قول العرب نحب فلان في سيره يومه وليله اجمع إذا مد فلم ينزل (ومنهم من ينتظر) الشهادة وقال محمد بن إسحاق فمنهم من قضى نحبه من استشهد يوم بدر واحد ومنهم من ينتظر يعني من بقي بعد هؤلاء من المؤمنين ينتظرون أحد الأمرين إما
(٥١٩)