تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٤٧٦
إخوانكم من أهل الروم وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم فأنزل الله تعالى هذه الآيات فخرج أبو بكر الصديق إلى الكفار فقال فرحتم بظهور إخوانكم فلا تفرحوا فوالله لنظهرن على فارس على ما أخبرنا بذلك نبينا فقام إليه أبي بن خلف الجمحي فقال كذبت فقال أنت أكذب يا عدو الله فقال اجعل بيننا أجلا أناحبك عليه والمناحبة المراهنة على عشر قلائص مني وعشر قلائص منك فإن ظهرت الروم على فارس غرمت وإن ظهرت فارس غرمت ففعلوا وجعلوا الأجل ثلاث سنين فجاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك وذلك قبل تحريم القمار فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هكذا ذكرت إنما البضع ما بين الثلاثة إلى التسع فزايده في الخطر ومادة في الأجل فخرج أبو بكر ولقي أبيا فقال لعلك ندمت قال لا فقال لافتعال أزايدك في الخطر وأمادك في الأجل فاجعلها مائة قلوص ومائة قلوص إلى تسع سنين وقيل إلى سبع سنين قال قد فعلت فلما خشي أبي بن خلف أن يخرج أبو بكر من مكة أتاه فلزمه وقال إني أخاف أن تخرج من مكة فأقم لي كفيلا فكفل له ابنه عبد الله بن أبي بكر فلما أراد أبي بن خلف أن يخرج إلى حد أتاه عبد الله بن أبي بكر فلزمه فقال له والله لا أدعك حتى تعطيني كفيلا فأعطاه كفيلا ثم خرج إلى أحد ثم رجع أبي بن خلف فمات بمكة من جراحته التي بمكة من جراحته التي جرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بارزه وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية وذلك عند رأس سبع سنين من مناحبتهم وقيل كان يوم بدر قال الشعبي لم تمض تلك المدة التي عقدوا المناحبة بين أهل مكة وفيها صاحب قمارهم أبي بن خلف والمسلمون وصاحب قمارهم أبو بكر وذلك قبل تحريم القمار حتى غلبت الروم فارس وربطوا خيولهم بالمدائن وبنو الرومية فقمر أبو بكر أبيا وأخذ مال الخطر من ورثته فجاء به يحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تصدق به وكان سبب غلبة الروم فارسا على ما قاله عكرمة وغيره أن شهرمان بعدما غلبت الروم لم يزل يطأهم ويخرب مدائنهم حتى بلغ الخليج فبينا أخوه فرحان جالس ذات يوم يشرب فقال لأصحابه لقد رأيت كأني جالس على سرير كسرى فبلغت كلمة كسرى فكتب إلى شهرمان إذا أتاك كتابي فابعث إلي برأس فرحان فكتب إليه أيها الملك إنك لن تجد مثل فرحان إن له نكاية وصوتا في العدو فلا تفعل البتة فكتب إليه إن في رجال فارس خلفا منه فعجل علي برأسه فراجعه فغضب كسرى ولم يجبه وبعث بريد إلى أهل فارس أني قد نزعت عنكم شهرمان واستعملت عليكم فرحان الملك ثم رفع إلى البريد صحيفة صغيرة أمره فيها بقتل شهرمان وقال إذا ولى فرحان الملك وانقاد له أخوه فأعطه فلما قرأ شهرمان الكتاب فقدمه ليضرب عنقه فقال لا تعجل علي حتى أكتب وصيتي قال نعم فدعا بالسفط فأعطاه
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»