تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٤٧٧
ثلاث صحائف وقال كل هذا رجعت فيك كسرى وأنت تريد أن تقتلني بكتاب واحد فرد الملك إلى أخيه وكتب شهرمان إلى قيصر ملك الروم إن لي إلك حاجة لا تحملها البرد ولا تبلغها الصحف فألقني ولا تلقني إلا في خمسين روميا فإني ألقاك في خمسين فارسيا فأقبل قيصر في خمسمائة ألف رومي وجعل يضع العيون بين يديه في الطرق وخاف أن يكون قد مكر به حتى أتاه عيونه أنه ليس معه إلا خمسون رجلا ثم بسط لهما فالتقيا في قبة ديباج ضربت لهما ومع كل واحد منهما سكين فدعوا بترجمان بينهما فقال شهرمان إن الذين خرجوا مدائنك أنا وأخي بكيدنا وشجاعتنا وإن كسرى حسدنا وأراد أن أقتل أخي فأبيت ثم امر أخي أن يقتلني فقد خلعناه جميعا فنحن نقاتله معك قال قد أصبتما ثم أشار أحدهما إلى صاحبه أن السر بين اثنين فإذا جاوز اثنين فشا فقتلا الترجمان معا بسكينهما فأدليت الروم على فارس عند ذلك فأتبعوهم يقتلونهم ومات كسرى وجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ففرح ومن معه فذلك قوله عز وجل (ألم غلبت الروم في أدنى الأرض) أي أقرب ارض الشام إلى أرض فارس قال عكرمة هي أذرعات وكسكر وقال مجاهد أرض الجزيرة وقال مقاتل الأردن وفلسطين (وهم من بعد غلبهم) أي الروم من بعد غلبة فارس إياهم والغلب والغلبة لغتان (سيغلبون) فارس سورة الروم 4 7 4 (في بضع سنين) والبضع ما بين الثلاثة إلى السبع وقيل ما بين الثلاث إلى التسع وقيل ما دون العشرة وقرأ عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري والحسن وعيسى بن عمر (غلبت) بفتح الغين واللام (سيغبون) بضم الياء وبفتح اللام وقالوا نزلت حين أخبر النب صلى الله عليه وسلم عن غلبة الروم فارس ومعنى الآية ألم غلبت الروم فارس في أدنى الأرض إليكم وهم من بعد غلبهم سيغلبهم المسلمون في بضع سنين وعند انقضاء هذه المدة أخذ المسلمون في جهاد الروم ولأول أصح وهو قول أكثر المفسرين (لله الأمر من قبل ومن بعد) من بعد دولة الروم على فارس ومن بعدها فأي الفريقين كان لهم الغلبة فهو بأمر الله وقضائه وقدره (يومئذ يفرح المؤمنون) 5 (بنصر الله) الروم على فارس قال السدي فرح النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بظهورهم على المشركين يوم بدر وظهور أهل الكتاب على أهل الشرك (ينصر من يشاء وهو العزيز) الغالب (الرحيم) بالمؤمنين 6 وعد الله) نصب على المصدر أي وعد الله وعدا بظهور الروم على فارس (لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون) 7 (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) يعني أمر معاشهم كيف يكتسبون ويتجرون ومتى يغرسون ويزرعون ويحصدون وكيف يبنون ويعيشون وقال الحسن إن أحدهم لينقر الدرهم بطرف ظفره فيذكر وزنه ولا يخطئ وهو لا يحسن أن يصلي (وهم عن الآخرة هم غافلون) ساهون عنها جاهلون لا يتفكرون فيها ولا يعملون لها
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»