تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٩
سورة الشعراء من الآية 72 وحتى الآية 81 71 (قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين) يعني نقيم على عبادتها قال بعض أهل العلم إنما قال (فنظل) لأنهم كانوا يعبدونها بالنهار دون الليل يقال ظل يفعل كذا إذا فعل بالنهار 72 (قال هل يسمعونكم) أي هل يسمعون دعاءكم (إذ تدعون) قال ابن عباس يسمعون لكم 73 (أو ينفعونكم) قيل بالرزق (أو يضربون) إن تركتم عبادتها 74 (قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) معناه إنها لا تسمع قولا ولا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا لكن اقتدينا بآبائنا فيه إبطال التقليد في الدين 75 76 (قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون) الأولون 77 (فإنهم عدو لي) يعني أعدائي ووحده على معنى أن كل معبود لكم عدو لي فإن قيل كيف وصف الأصنام بالعداوة وهي جمادات قيل معناه فإنهم عدو لي لو عبدتهم إلى يوم القيامة كما قال تعالى (سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا) وقال الفراء هو من المقلوب أراد فإنهم عدو لهم لأن من عاديته فقد عاداك وقيل فإنهم عدو لي على معنى إني لا أتوهم ولا أطلب من جهتهم نفعا كما لا يتولى العدو ولا يطلب من جهته النفع قوله (إلا رب العالمين) اختلفوا في هذا الاستثناء قيل هو استثناء منقطع كأنه قال فإنهم عدو لي لكن رب العالمين وليي وقيل إنهم كانوا يعبدون الأصنام مع الله فقال إبراهيم كل من تعبدون أعدائي إلا رب العالمين وقيل إنهم غير معبود لي إلا رب العالمين فإني أعبده وقال الحسين بن الفضل معناه إلا من عند رب العالمين ثم وصف معبوده فقال 78 (الذي خلقني فهو يهدين) أي يرشدني إلى طريق النجاة 79 (والذي هو يطعمني ويسقين) أي يرزقني ويغذني بالطعام والشراب فهو رازقي ومن عنده رزقي 80 (وإذا مرضت) أضاف المرض إلى نفسه وإن كان المرض والشفاء كله من الله استعمالا لحسن الأدب كما قال الخضر (فأردت أن أعيبها) وقال (فأراد ربك أن يبلغا أشدهما) (فهو يشفين) أي يبرئني من المرض 81 (والذي يميتني ثم يحيين) أدخل (ثم) هاهنا للتراخي أي يميتني في الدنيا ويحييني في الآخرة
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»