تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٤
سورة النور من الآية 34 وحتى الآية 35 القبض يرتفع البيع وهو قول عمر وابن عمر وزيد بن ثابت وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة وإليه ذهب الشافعي وأحمد وقال قوم إن ترك وفاء بما بقي عليه من الكتابة كان حرا وإن كان فيه فضل فالزيادة لأولاده الأحرار وهو قول عطاء وطاوس والنخعي والحسن وبه قال مالك والثوري وأصحاب الرأي ولو كاتب عبده كتابة فاسدة يعتق بأداء المال لأن عتقه معلق بالأداء وقد وجد وتبعه الأولاد والاكتساب كما في الكتابة الصحيحة ويفترقان في بعض الأحكام وهي أن الكتابة الصحيحة لا يملك المولى فسخها ما لم يعجز المكاتب عن أداء النجوم ولا تبطل بموت المولى ويعتق بالإبراء عن النجوم والكتابة الفاسدة يملك المولى فسخها قبل أداء المال حتى لو أدى المال بعد الفسخ لا يعتق ويبطل بموت المولى ولا يعتق بالإبراء عن النجوم وإذا عتق المكاتب بأداء المال لا يثبت التراجع في الكتابة الصحيحة ويثبت في الكتابة الفاسدة (فيرجع للمولى) عليه بقيمة رقبته وهو يرجع على المولى بما دفع إليه إن كان مالا قوله تعالى (ولا تكرهوا فتيانكم على البغاء إن أردن تحصنا) الآية نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول المنافق كانت له جاريتان معاذة ومسيكة وكان يكرههما على الزنا بالضريبة يأخذها منهما وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية يؤجرون إماءهم فلما جاء الإسلام قالت معاذ لمسيكة إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وجهين فإن يك خيرا فقد استكثرنا منه وإن يك شرا فقد آن لنا أن ندعه فأنزل الله هذه الآية وروي أنه جاءت إحدى الجاريتين يوما ببرد وجاءت الأخرى بدينار فقال لهما ارجعا فازنيا قالتا والله لا نفعل قد جاء الإسلام وحرم الزنا فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكتا إليه فأنزل هذه الآية (ولا تكرهوا فتياتكم) إماءكم (على البغاء) أي الزنا (إن أردن تحصنا) أي إذا أردن وليس معناه الشرط لأنه لا يجوز إكراههن على الزنا وإن لم يردن تحصنا كقوله تعالى (وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) أي إذا كنت مؤمنين وقيل شرط إرادة التحصن لأن الإكراه إنما يكون عند إرادة التحصن فإذا لم ترد التحصن بغت طوعا والتحصن التعفف وقال الحسن بن الفضل في الآية تقديم وتأخير تقديرها وأنكحوا الأيامى منكم إن أردن تحصنا ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء (لتبتغوا عرض الحياة الدنيا) أي لتطلبوا من أموال الدنيا يريد من كسبهن وبيع أولادهن (ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم) يعني للمكرهات والوزر على المكره وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية قال لهن والله لهن والله
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»