تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٤
سورة المؤمنون من الآية 11 وحتى الآية 14 ويهدم منزله الذي له في النار وأما الكافر فيهدم منزله الذي في الجنة ويبني منزله الذي في النار وقال بعضهم معنى الوارثة هو أنه يؤول أمرهم إلى الجنة وينالونها كما يؤول أمر الميراث إلى الوارث 11 قوله تعالى (الذين يرثون الفردوس) وهو أعلى الجنة قد ذكرناه في سورة الكهف (هم فيها خالدون) لا يموتون ولا يخرجون وجاء في الحديث \ أن الله تعالى خلق ثلاثة أشياء بيده خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس الفردوس بيده ثم قال وعزتي لا يدخلها مدمن خمر ولا ديوث \ 12 وقوله عز وجل (ولقد خلقنا الإنسان) يعني ولد آدم والإنسان اسم الجنس يقع على الواحد والجمع (من سلالة) روي عن ابن عباس أنه قال السلالة صفوة الماء وقال مجاهد من بني آدم وقال عكرمة هو يسيل من الظهر والعرب تسمي النطفة سلالة والولد سليلا وسلالة لأنهما مسلولان منه قوله (من طين) يعني طين آدم والسلالة تولدت من طين خلق آدم منه قال الكلبي من نطفة سلت من طين والطين آدم عليه السلام وقيل المراد من الإنسان هو آدم وقوله (من سلالة) أي سل من كل تربة 13 (ثم جعلناه نطفة) يعني الذي هو الإنسان جعلناه نطفة (في قرار مكين) حريز وهو الرحم مكن وهيء لاستقرارها فيه إلى بلوغ أمدها 14 15 (ثم خلقنا النطفة علقنا فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما) قرأ ابن عامر وأبو بكر (عظما) (فكسونا العظام) بسكون الظاء على التوحيد فيهما وقرأ الآخرون بالجمع لأن الإنسان ذو عظام كثيرة وقيل بين كل خلقتين أربعون عاما (فكسونا العظام لحما) أي ألبسنا (ثم أنشأناه خلقا آخر) اختلف المفسرون فيه فقال ابن عباس ومجاهد والشعبي وعكرمة والضحاك وأبو العالية هو نفخ الروح فيه وقال قتادة نبات الأسنان والشعر وروى ابن جريج عن مجاهد أنه استواء الشباب وعن الحسن قال ذكرا أو أنثى وروى العوفي عن ابن عباس أن ذلك تصريف أحواله بعد الولادة من الاستهلال إلى الارتضاع إلى القعود إلى القيام إلى المشي إلى الفطام إلى أن يأكل ويشرب إلى أن يبلغ الحلم ويتقلب في البلاد إلى ما بعدها (فتبارك الله) أي استحق التعظيم والثناء بأنه لم يزل ولا يزال (أحسن الخالقين) المصورين والمقدرين والخلق في اللغة التقدير وقال مجاهد يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين يقال رجل خالق أي صانع وقال ابن جريج إنما جمع الخالقين لأن عيسى كان يخلق كما قال (إني أخلق لكم من الطين) فأخبر الله عن نفسه بأنه أحسن الخالقين (ثم إنكم بعد ذلك لميتون) والميت بالتشديد والمائت الذي لم يمت بعد وسيموت
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»