تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٠
سورة الحج الآية 78 إلى نهاية السورة 78 (وجاهدوا ي الله حق جهاده) قيل جاهدوا في سبيل الله أعداء الله حق جهاده هو استفراغ الطاقة فيه قاله ابن عباس وعنه أيضا أنه قال لا تخافوا في الله لومة لائم فهو حق الجهاد كما قال تعالى (يجاهدون في سبيل ولا يخافون لومة لائم) قال الضحاك ومقاتل اعملوا لله حق عمله واعبدوه حق عبادته وقال مقاتل بن سليمان نسخها قوله (فاتقوا الله ما استطعتم) وقال أكثر المفسرين حق الجهاد أن تكون نيته خالصة صادقة لله عز وجل وقال السدي هو أن يطاع فلا يعصى وقال عبد الله بن المبارك هو مجاهدة النفس والهوى وهو الجهاد الأكبر وهو حق الجهاد وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبوك قال رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وأراد بالجهاد الأصغر الجهاد مع الكفار وبالجهاد الأكبر الجهاد مع النفس (هو اجتبابكم) يعني اختاركم لدينه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ضيق معناه أن المؤمن لا يبتلي بشيء من الذنوب إلا جعل الله له منه مخرجا بعضها بالتوبة وبعضها برد المظالم والقصاص وبعضها بأنواع الكفارات فليس في دين الإسلام ما لا يجد العبد سبيلا إلى الخلاص من العقاب فيه وقيل من ضيق في أوقات فروضكم مثل هلال شهر رمضان والفطر ووقت الحج إذا التبس ذلك عليكم وسع الله عليكم حتى تتيقنوا وقال مقاتل يعني الرخص عند الضرورات كقصر الصلاة في السفر والتيمم عند فقد الماء وأكل الميتة عند الضرورة والإفطار بالسفر والمرض والصلاة قاعدا عند العجز عن القيام وهو قول الكلبي وروى عن ابن عباس أنه قال الحرج ما كان على بني إسرائيل من الأعمال التي كانت عليهم وضعها الله عن هذه الأمة (ملة أبيكم إبراهيم) يعني كلمة أبيكم نصب بنزع حرف الصفة وقيل نصب على الإغراء يعني اتبعوا ملة أبيكم إبراهيم وإنما أمرنا باتباع ملة إبراهيم لأنها داخلة في ملة محمد صلى الله عليه وسلم فإن قيل فما وجه قوله (ملة أبيكم) وليس كل المسلمين يرجع نسبهم إلى إبراهيم قيل خاطب فيه العرب وهم كانوا من نسل إبراهيم وقيل خاطب به جميع المسلمين يرجع نسبهم إلى إبراهيم قيل خاطب به العرب وهم كانوا من نسل إبراهيم وقيل خاطب به جميع المسلمين وإبراهيم أب لهم على معنى وجوب احترامه وحفظ حقه كما يجب احترام الأب وهو كقوله تعالى (وأزواجه أمهاتهم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم \ إنما أنا لكم مثل الوالد \ (هو سماكم) يعني أن الله تعالى سماكم (المسلمين من قبل) يعني من قبل نزول القرآن في الكتب المتقدمة (وفي هذا) يعني وفي الكتاب هذا قول أكثر المفسرين وقال ابن زيد
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»