تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٧٧
سورة الكهف من الآية 81 وحتى الآية 82 (وأقرب رحما) قرأ ابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بضم الحاء والباقون بجزمها أي عطفا من الرحمة وقيل هو من الرحم والقرابة قال قتادة أي أوصل للرحم وأبر بوالديه قال الكلبي أبدلهما الله جارية فتزوجها نبي من الأنبياء فولدت له نبيا فهدى الله على يديه أمة من الأمم وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال أبدلهما الله جارية ولدت سبعين نبيا وقال ابن جريج أبدلهما بغلام مسلم قال مطرف فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل ولو بقي لكان فيه هلاكهما فليرض امرؤ بقضاء الله تعالى فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب 82 قوله تعالى (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة) وكان اسمهما أصرم وصريم (وكان تحته كنز لهما) اختلفوا في ذلك الكنز روي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال \ كان ذهبا وفضة \ وقال عكرمة كان مالا وعن سعيد بن جبير كان الكنز صحفا فيها علم وعن ابن عباس أنه قال كان لوحا من ذهب مكتوبا فيه عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح عجبا لمن أيقن بالحساب كيف يغفل عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب عجبا لمن أيقن بالقدر كيف ينصب عجبا لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها لا إله إلا الله محمد رسول الله وفي الجانب الآخر مكتوب أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي خلقت الخير والشر فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه وهذا قول أكثر المفسرين وروي ذلك مرفوعا قال الزجاج الكنز إذا أطلق ينصرف إلى كنز المال ويجوز عند التقييد أن يقال عنده كنز علم وهذا اللوح كان جامعا لهما (وكان أبوهما صالحا) قيل كان اسمه كاشح وكان من الأتقياء قال ابن عباس حفظا بصلاح أبيهما وقيل كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة آباء قال محمد بن المنكدر إن الله يحفظ بصلاح العبد ولده وولد ولده وعترته وعشيرته وأهل دويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم قال سعيد بن المسيب إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي قوله عز وجل (فأراد ربك أن يبلغا أشدهما) أي يبلغا ويعقلا وقيل أن يدركا شدتهما وقوتهما وقيل ثمان عشرة سنة (ويستخرجا) حينئذ (كنزهما رحمة) نعمة (من ربك وما فعلته عن أمري) أي باختياري ورأيي بل فعلته بأمر الله وإلهامه (وذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا) أي لم تطق عليه صبرا واستطاع واسطاع بمعنى واحد روي أن موسى لما أراد أن يفارقه قال له أوصني قال لا تطلب العلم لتحدث به واطلبه لتعمل به واختلفوا في أن الخضر حي أم ميت قيل إن الخضر وإلياس حيان يلتقيان كل سنة بالموسم وقيل ميت وكان سبب حياته فيما يحكى أنه شرب من عين الحياة وذلك أن ذا القرنين دخل الظلمات لطلب عين الحياة وكان الخضر
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»