تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٧٨
سورة الكهف من الآية 83 وحتى الآية 87 على مقدمته فوقع الخضر على العين فنزل واغتسل وشرب وصلى شكرا لله عز وجل وأخطأ ذو القرنين الطريق فعاد وذهب آخرون إلى أنه ميت لقوله تعالى (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) وقال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما صلى العشاء ليلة \ أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس كل مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم حي على ظهر الأرض أحد ولو كان الخضر حيا لكان لا يعيش بعده \ 83 قوله تعالى (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا) خبرا واختلفوا في نبوته فقال بعضهم كان نبيا وقال أبو الطفيل سئل علي رضي الله عنه عن ذي القرنين أكان نبيا أم ملكا قال لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان عبدا أحب الله وأحبه الله فناصحه الله وروي أن عمر رضي الله عنه سمع رجلا يقول لآخر يا ذا القرنين فقال سميتم بأسماء النبيين فلم ترضوا حتى تسميتم بأسماء الملائكة والأكثرون على أنه كان ملكا عادلا صالحا واختلفوا في سبب تسميته بذي القرنين قال الزهري لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها وقيل لأنه كان ملك الروم وفارس وقيل لأنه دخل النور والظلمة وقيل لأنه رأى في المنام كأنه أخذ بقرني الشمس وقيل لأنه كانت له ذؤابتان حسنتان وقيل لأنه كان له قرنان تواريهما العمامة وروى أبو الطفيل عن علي أنه قال سمي ذا القرنين لأنه أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه الأيمن فمات فبعثه الله ثم أمرهم بتقوى الله فضربوه على قرنه الأيسر فمات فأحياه الله واختلفوا في اسمه قيل اسمه مرزبان بن مرزبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح وقيل اسمه الإسكندر بن فيلفوس بن ياملوس الرومي 84 قوله عز وجل (إنا مكنا له في الأرض) أوطأنا والتمكين تمهيد الأسباب وقال علي سخر له السحاب فحمله عليها ومد له في الأسباب وبسط له النور فكان الليل والنهار عليه سواء فهذا معنى تمكنه في الأرض وهو أنه سهل عليه السير فيها وذلل له طرقها (وآتيناه من كل شيء) أي من كل شيء يحتاج إليه الخلق وقيل من كل ما يستعين به الملوح على فتح المدن ومحاربة الأعداء (سببا) أي علما يتسبب به إلى كل ما يريد ويسير به في أقطار الأرض والسبب ما يوصل به إلى الشيء وقال الحسن بلاغا إلى حيث أراد وقيل قربنا إليه أقطار الأرض 85 (فأتبع سببا) أي سلك وسار طريقا قرأ أهل الحجاز والبصرة فاتبع ثم اتبع موصولا مشددا وقرأ الآخرون بقطع الألف وجزم التاء وقيل معناهما واحد والصحيح الفرق بينهما فمن قطع الألف فمعناه
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»