تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٢١
وصارت ذات ثقل بحملها ودنت ولادتها (دعوا الله ربهما) يعني آدم وحواء (لئن آتيتنا) يا ربنا (صالحا) أي بشرا سويا مثلنا (لنكونن من الشاكرين) قال المفسرون فلما حملت حواء أتاها إبليس في صورة رجل فقال لها ما الذي في بطنك قالت ما أدري إني أخاف أن يكون بهمية أوكلبا أو خنزيرا وما يدريك من أين يخرج من دبرك فيقتلك أومن فيك وينشق بطنك فخافت حواء من ذلك وذكرت ذلك لآدم عليه السالم فلم يزالا في هم من ذلك ثم عاد إليها فقال إني من الله بمنزلة فإن دعوت الله أن يجعله خلقا سويا مثلك ويسهل عليك خروجه أسميته عبد الحارث وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث فذكرت ذلك لآدم فقال لعله صاحبنا الذي قد علمت فعاودها إبليس فلم يزل بهما حتى غرهما فلما ولدت سمياه عبد الحارث قال الكلبي قال إبليس لها إن دعوت الله فولدت إنسانا أتسمينه بي قالت نعم فلما ولدت قال سميه بي قالت وما اسمك قال الحارث ولو سمى لها نفسه لعرفته فسمته عبد الحارث وروي عن ابن عباس رضي اله عنهما قال كانت حاء تلد لآدم فيسميه عبد الله وعبيد الله وعبد الرحنم فيصيبهم الموت فأتاهما إبليس وقال إن سركما أن يعيش لكما ولد فسمياه عبد الحارث فولدت فسمياه عبد الحارث فعاش وجاء في الحديث خدعهما إبليس مرتين مرة في الجنة ومرة في الأرض وقال ابنزيد ولد لآدم ولد فسماه عبد الله فأتاهما إبليس فقال ما سميتما ابنكما قال عبد الله وكان قد ولد لهما قبل ذلك ولد فسمياه عبد الله فمات فقال إبليس أتظنان أن الله تارك عبده عندكما والله ليذهبن به كما ذهب بالآخرين ولكن أدلكم على اسم يبقى لكما ما بقتما فسمياه عبد شمس والأول أصح فذلك قوله (فلما آتاهما صالحا) بشرا سويا (جعلا له شركاء فيما أتاهما) قرأ أهل المدينة وأبو بكر شركا بكسر الشين والتنوين أي شركة قال أبو عبيدة أي حظا ونصيبا وقرأ الآخرون (شركاء) بضم الشين ممدودا على جمع شريك يعني إبليس أخبر عن الواحد بلفظ الجمع أي جعلا له شريكا إذ سمياه عبد الحارث ولمن يكن هذا إشراكا في العبادة ولا أن الحارث ربهما فإن آدم كان نبيا معصوما من الشرك ولكن قصد إلى أن الحارث كان سبب نجاة الولد وسلامة أمة وقد يطلق اسم العبد على من يراد به أنه معبنود هذا كالرجل إذا نزل به ضيف يسمي نفسه عبد الضيف على وجه الخضوع لا على وجه أن الضيف ربه ويقول للغير أنا عبدك وقال يوسف لعزيز مصر إنه ربي ولم يرد به أنه معبوده كذلك هذا وقوله (فتعالى الله عما يشركون) قيل هذا ابتداء كلام وأراد به إشراك أهل مكة ولئن أراد به ما سبق فمستقيم من حيث أنه كان الأولى بهما أن لا يفعلا ما أتيا به إشراك أهل الاسم وفي الآية قول آخر وهو أنه راجع إلى جميع المشركين من ذرية آدم وهو قول الحسن وعكرمة ومعناه جعل أولادهما شركاء فحذف الأولاد وأقامهما مقامهم كما أضاف فعل الآباء إلى الأبناء في تعييرهم بفعل الآباء إلى الأبناء فقال ثم اتخذتم العجل وإذ قتلتم نفسا خاطب به اليهود الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»