تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢١٠
سورة الأعراف (169) وراء الصين ومنهم دون ذلك يعني من ههنا من اليهود (وبلوناهم بالحسنات) بالخصب والعافية (والسيئات) الجدب والشدة (لعلهم يرجعون) لكي يرجعوا إلى طاعة ربهم ويتوبوا (فخلف من بعدهم) أي جاء من هؤلاء الذين وصفناهم (خلف) والخلف القرن الذي يجيء بعد قرن قال أبو حاتم الخلف بسكون اللام الأولاد الواحد والجمع فيه سواء والخلف بفتح اللام البدل سواء كان ولدا أو غريبا وقال ابن الأعرابي الخلف بالفتح الصالح وبالجزم الطالح وقال النضر بن شميل الخلف بتحريك اللام وإسكانها في القرن السوء واحد وأما في القرن الصالح فبتحريك اللام لا غير وقال محمد بن جرير أكثر ما جاء في المدح بفتح اللام وفي الذم بتسكينها وقد يحرك في الذم ويسكن في المدح (ورثوا الكتاب) أي انتقل إليهم الكتات من آبائهم وهو التوراة (يأخذون عرض هذا الأدنى) العرض متاع الدنيا والعرض بسكون الراء ما كان من الأموال سوى الدراهم والدنانير وأراد بالأدنى العالم وهو هذه الدار الفانية فهو تذكير الدنيا وهؤلاء اليهود ورثوا التوراة فقرؤوها وضيعوا العمل بما فيها وخالفوا حكمها يرتشون في حكم الله وتبديل كلماته (ويقولون سيغفر لنا) ذنوبا يتمنون على الله الأباطيل أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنبأنا طاهر محمد بن أحمد بن الحرث أنبأنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمود أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أنبأنا عبد الله بن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن ضمرة بن جندب عن شداد بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز مهن اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني (وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه) هذا إخبار عن حرصهم على الدنيا وإصرارهم على الذنوب يقول إذا أشرف لهم شيء من الدنيا أخذوه حلالا كان أو حراما ويتمنون على الله المغفرة وأين وجدوا من الغد مثله أخذوه وقال السدي كانت بنو إسرائيل لا يستقضون إلا ارتشى في الحكم فيقال له مالك ترتشي فيقول سيغفر لي فيطعن عليه الآخر فإذا مات أو نزع وجعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه فيرتشي أيضا يقول وإن يأت الآخرين عرض مثله يأخذوه (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق) أي أخذ عليهم العهد في الإصرار (ودرسوا ما فيه) قرأوا ما فيه فهم ذاكرون لذلك ولو عقلوه لعملوا للدار الآخرة ودرس الكتاب قراءته وتدبره مرة بعد أخرى (والدار الآخرة للذين يتقون أفلا تعقلون)
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»