تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢١٧
سورة الأعراف (180) (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس) أخبر الله تعلى أنه خلق كثيرا من الجن والإنس للنار وهم الذين حقت عليهم الكلمة الأزلية بالشقاوة ومن خلقه الله لجهنم فلا حيلة له في الخلاص منها أخبرنا أبو بكر يعقوب بن أحمد بن محمد بن علي الصيرفي أنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي أنا أحمد بن محمد بن أبي حمزة البلخي حدثنا موسى بن محمد بن الحكم الشطوي حدثنا حفص بن غياث عن طلحة بن ييحى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت أدرك النبي صلى الله عليه وسلم جنازة صبي من صبيان الأنصار فقالت عائشة طوبى له عصفور من عاصفير الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريك إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم وقيل اللام في قوله (لجهنم) لام العقابة أي ذرأناهم وعاقبة امرهم جهنم كقوله تعالى (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) ثم وصفهم فقال (لهم قلوب لا يفقهون بها) أي يعلمون بها الخير والهدى (ولهم أعين لا يبصرون بها) طريق الحق وسبيل الرشاد (ولهم آذان لا يسمعون بها) مواعظ القرآن فيتفكرون فيها ويعتبرون بها ثم ضرب هلم مثلا في الجهل والاقصار على الأكل والشرب فقال (أولئك كالأنعام بل هم أضل) أي كالأنعام في أن همتهم في الأكل والشرب والتمتع بالشهوات بل هم أضل لأن الأنعام تميز بين المضار والمنافع فلا تقدم على المضار هؤلاء يقدمون على النار معاندة مع العلم بالهلاك (أولئك هم الغافلون) قوله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعون بها) قال مقاتل وذلك أن الرجل دعا الله في صلاته ودعا الرحمن فقال بعض مشركي مكة إن محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه يزعمون أنهم يعبدون ربا واحدا فما بال هذا يدعو اثنين فأنزل الله عز وجل (ولله الأسماء الحسنى فادعون بها) والحسنى تأنيث الأحسن كالكبرى والصغرى فادعون بها أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران أنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار أنا أحمد بن منصرو المرادي حدثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة إنه وتر يحب الوتر (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) قرأ حمزة يلحدون بفتح الياء والحاء حيث كان وافقه الكسائي في النحل والباقون بضم الياء وكسر الحاء ومعنى الالحاد هو بفتح الياء والحاء حيث كان وافقه الكسائي في النحل والباقون بضم الياء وكسر الحاء ومعنى الالحاد هو الميل عن القصد يقال ألحد يلحد إلحادا ولحد يلحد لحودا إذا مال قال يعقوب بن السكيت الإلحاد هو العدول عن الحق وإدخال ما ليس منه فيه يقال ألحد في الدين ولحد وبه قرأ حمزة
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»