سورة الأعراف (177 178) لرفعناه بعلمه بها وقال مجاهد وعطاء لرفعناه عنه الكفر وعصمناه بالأيات (ولكنه أخلد إلى الأرض) أي سكن إلى الدنيا ومال إليها قال الزجاج خلد وأخلد واحد وأصله من الخلود وهو الدوام والمقام يقال أخلد فلان بالمكان إذا أقام به والأرض ههنا عبارة عن الدنيا لأن ما فيها من القفار والرباع كلها أرض وسائر متاعها مستخرج من الأرض (واتبع هواه) إنقاد لما دعاه إليه الهوى قال ابن زيد كان هواه مع القوم قال عطاء أراد الدنيا وأطاع شيطانه وهذه أشد آية على العلماء وذلك أن الله أخبر أنه آتاه أياته من اسمه الأعظم والدعوات المستجابة والعلم والحكمة فاستوجب بالسكون إلى الدنيا واتباع الهوى تغيير النعمة عليه والانسلاخ عنها ومن الذي يسلم من هاتين الخلتين إلا من عصم الله أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله ن أب توبة أنا محمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أنا عبد الله بن المبارك عن زكريا بن أ [ي زائدة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن زرارة عن كعب بن مالك الأنصاري عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذئبان جائعان أرسلا إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) يقال لهث الكلب يلهث لهثا إذا أدلع لسانه قال مجاهد هو مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به والمعنى إن هذا الكافر إن زجرته لم ينزجر وإن تركته لم يهتد فالحالتان عنده سواء كحالتي الكلب إن طرد وحمل عليه بالطرد كان لاهثا وإن ترك وربض كان لاهثا قال كل شيء يلهث إنما يلهث من إعياء أو عطش إلا الكلب فإنه يلهث في حال الكلال وفي حال الراحة وفي حال العطش فضربه الله مثلا لمن كذب بآياته فقال إن وعظته فهو ضال وإن تركته فهو ضال كالكلب إن طردته لهث وإن تركته على حاله لهث نظيره قوله تعالى (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتمهم أم أنتم صامتون) ثم عم بهذا التمثيل جميع من يكذب بآيات الله فقال (ذلك مثل القولم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) وقيل هذا مثل لكفار مكة وذلك أنهم يتمنون هاديا يهديهم ويدعوهم إلى طاعة الله فلما جاءهم نبي لا يشكون في صدقه كذبوه فلم يهتدوا تركوا أودعوا (ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا) أي بئس مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا وتقديره ساء مثلا مثل القوم فحذف مثل وأقيم القوم مقامه فرفع (وأنفسهم كانوا يظلمون) (من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون)
(٢١٦)