قوله تعالى (أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة) قال قتادة ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قام على الصفا ليلا فجعل يدعو قرشا فخذا فخذا يا بني فلان يا بني فلان يحذرهم بأس الله وقائعه فقال قائلهم إن صاحبكم هذا المجنون بات يصوت إلى الصباح فأنزل الله تعالى (أولم يتفكروا ما بصاحبهم) محمد صلى الله عليه وسلم (من جنة) جنون (إن هو) ما هو (إلا نذير مبين) ثم حثهم على النظر المؤدي إلى العلم فقال (أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله) فيهما (من شيء) أي وينظروا إلى ما خلق الله فيهما من شيء ليستدلوا بها على وحدانيته (وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم) أي لعل أن يكون قد أتقرب أجلهم فيموتوا قبل أن يؤمنوا وصيروا إلى العذاب (فبأي حديث بعده يؤمنون) أي بعد القرآن يؤمنون يقول بأي كتاب غير ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم يصدقون وليس بعده نبي ولا كتاب ثم ذكر علة إعراضهم عن الإيمان فقال (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) قرأ أهل البصرة وعاصم بالياء ورفع الراء وقرأ حمزة والكسائي بالياء وجزم الراء لأن ذكر الله قد مر قبله وجزم الراء مردود على (يضلل) وقرأ الآخرون بالنون ورفع الراء على أنه كلام مستأنف (في طغيانهم يعمهون) يترددون متحيرين قوله تعالى (يسئلونك عن الساعة أيان مرساها) قال قتادة قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن بيننا وبينك قرابة فأسر إلينا متى الساعة فأنزل الله تعالى (يسئلونك عن الساعة) يعني يوم القيامة (أيان مرساها) قال ابن عباس رضي الله عنهما منتهاها وقال قتادة قيامها وأصله الثبات أي مثبتها (قل) يا محمد (إنما علمها عند ربي) استأثر بعملها ولا يعلمها إلا هو (لا يجليها) لا يكشفها ولا يظهرها وأقل مجاهد لا يأتي بها (لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض) يعني ثقل علمها وخفي أمرها على أهل السماوات والأرض وكل خفي ثقيل قال الحسن يقول إذا
(٢١٩)