تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٤
سورة الأعراف (200 201) من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك وقال ابن عباس رضي الله عنهما والسدي والضحاك والكلبي يعني خذ ما عفا لك من الأموال وهو الفضل من العيال وذلك معنى قوله (يسألونك ماذا ينفقون قل العفو) ثم نسخت هذه بالصدقات المفروضات قوله تعالى (وأمر بالعرف) أي بالمعروف وهو كل ما يعرفه الشرع وقال عطاء وأمر بالعرف بلا إله إلا الله (وأعرض عن الجاهلين) أبي جهل وأصحابه نسختها آية السيف وقيل إذا تسفه عليك الجاهل فلا تقابله بالسفه وذلك مثل قوله (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) وذلك سلام المتاركة قال جعفر الصادق أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد الجرجاني ثنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي ثنا هيثم بن كليب ثنا أبو عيسى الترمذي ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله الجدلي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا سخابا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح) ثنا أبو الفضل زياد بن محمد الحنفي ثنا أبو سعيد عبد الملك ابن أبي عثمان الواعظ ثنا عمار ابن محمد البغدادي ثنا أحمد ابن محمد عن سعيد الحافظ ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عمر بن إبراهيم يعني الكوفي ثنا يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق وإتمام محاسن الأفعال قوله تعالى (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ) أي يصيبنك ويعتريك ويعرض لك من الشيطان نزغ نخسه والنزغ من الشيطان الوسوسة وقال الزجاج النزغ أدنى حركة تكون من الآدمي ومن الشيطان أدنى وسوسة وقال عبد الرحمن بن زيد لما نزلت هذه الآية (خذ العفو) قال النبي صلى الله عليه وسلم (كيف يا رب والغضب) فنزل (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله) أي استجر بالله (إنه سميع عليم) (إن الذين اتقوا) يعني المؤمنين (إذا مسهم طائف من الشيطان) قرأ ابن كثير وأهل البصرة والكسائي (طيف) وقرأ الآخرون (طائف) بالمد والهمز وهما لغتان كالميت والمائت ومعناهما الشيء يلم بك وفرق قوم بينهما فقال أبو عمرو الطائف ما يطوف حول الشيء
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»