تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢١٨
سورة الأعراف (218) (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) هم المشركون عدلوا بأسماء الله الحسنى عما هي عليه فسموا بها أوثانهم فزادوا ونقصوا فاشتقوا اللات من الله والعزى من العزيز ومناة من المنان هذا قول ابن عباس ومجاهد وقيل هو تسميتهم الأصنام آلهة وروي عن ابن عباس يلحدون في أسمائة أي يكذبون وقال أهل المعاني الإلحاد في أسماء الله تسميته بما لم يستم به ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجملته أن أسماء الله تعالى على التوقيف فإنه يسمى جاد ولا يسمى سخيا وإن كانة في معنى الجواد ويسمى رحيما ولا يسمى رفيقا ويسمى عالما ولا يسمى عاقلا وقال تعالى (يخادعون الله وهو خادعهم) وقال عز من قائل (ومكروا ومكر الله) لا يقال في الدعاء يا مخادع يا مكار بل يدعى بأسمائه التي ورد بها التوقيف على وجه التعظيم فيقال يا الله يا رحمن يا رحيم يا عزيز يا كريم ونحو ذلك (سيجزون ما كانوا يعملون) في الآخرة قوله تعالى (وممن خلقنا أمة) أي عصابة (يهدون بالحق وبه يعدلون) قال عطاء عن ابن عباس يريد أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهم المهاجرون والأنصار والتابعون لهم بإحسان وقال قتادة بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال هذه لكمن وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل حدثنا الحميدي حدثني عمير بن هانئ أنه سمع معاوية رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك وقال الكلبي هم من جميع الخلق (والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) قال عطاء سنمكر بهم من حيث لا يعلمون وقيل نأتيهم من مأمنهم كما قال (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا) قال الكلبي نزينلهم أعمالهم فنهلكهم وقال الضحاك كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة قال سفيان الثوري نسبغ عليهم النعمة وننسيهم الشكر قال أهل المعاني الاستدراج أن يتدرج إلى الشيء في خفية قليلا فلا يباغت ولا يجاهر ومنه درج الصبي إذا قارب بين خطاه في المشي ومنه درج الكتاب إذا طواه شيئا بعد شيء (وأملي لهم) أي أمهلهم وأطيل لهم مدة عمرهم ليتمادوا في المعاصي (إن كيدي متين) أي إن أخذي قوي شديد قال ابن عباس إن مكري شديد قيل نزلت في المستهزئين فقتلهم الله في ليلة واحدة
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»