تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٩٢
عاهدوا وعادوا إلى أعمالهم السوء فأقاموا شهرا في عافية ثم بعث الله عليهم القمل واختلفوا في القمل فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال القمل السوس الذي يخرج من الحنطة وقال مجاهد والسدي وقتادة والكلبي القمل الدبى والجراد الطيارة التي لها أجنحة والدبى الصغار التي لا أجنحة لها وقال الجراد وقال أبو عبيدة وهو الحمنان وهو ضرب من القراد وقال عطاء الخرساني هو القمل وبه قرأ أبو أحسن (القمل) بفتح القاف وسكون الميم قالوا أمر الله موسى أن يمشي إلى كثيب أعفر بقرية من قرى مصر تدعى عين شمس فمشى موسى إلى ذلك الكثيب وكان أهيل فضربه بعصاه فانهال عليهم القمل فتتبع ما بقي من حروثهم وأشجارهم وبناتهم فأكمله ولحس الأرض كلها وكان يدخل بين ثوب أحدهم وجلده فيعضده وكان أحدهم يأكل الطعام فيمتلئ قملا قال سعيد بن المسيب القمل السوس الذي يخرج من الحبوب وكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى الرحا فلا يرد منها ثلاثة أقفزة فلم يصابوا ببلاء كان أشد عليهم من القمل وأخذ أشعارهم وأبشارهم وأشفار عيونهم وحواجبهم ولزم جلودهم كأنه الجدري عليهم ومنعهم النوم والقرار فصرخوا وصاحوا إلى موسى أنا تنوب فادع لنا ربك يكشف عنا البلاء فدعا موسى عليه السلام الله فرفع القمل عنهم بعدما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت فنكثوا وعادوا إلى أخبث أعمالهم وقالوا كنا قط أحق أن نستيقن أنه ساحر منا اليوم يجعل الرمل دواب وقالوا وعزة فرعون لا نتبعه أبدا ولا نصدقه فأقاموا شهرا في عافية فدعا موسى عليه السلام بعدما أقاموا شهرا في عافية فأرسل الله عليهم الضفادع فامتلأت منها بيوتهم وأفنيتهم وأطعمتهم وآنيتهم فلا يكشف أحد إناء ولا طعاما إلا وجد فيه الضفادع وكان الرجل يجلس في الضفادع إلى ذقنه ويهم أن يتكلم فيثب الضفدع إلى فيه وكانت تثب في قدورهم فتفسد عليهم طعامهم وتطفئ نيرانهم وكان أحدهم يضطجع فتركبه الضفادع فتكون عليه ركاما حتى ما يستطيع أن ينصرف إلى شقه الآخر ويفتح فاه لأكلته فيسبق الضفدع أكلته إلى فيه ولا يعجن عجينا الإ تشدخت فيه ولا يفتح قدرا إلا امتلأت ضفادع فلقوا منها أذى شديدا وروي عكرمة عن ابن عباس قال كانت الضفادع برية فما أرسلها الله على أل فرعون وأطاعت فجعلتن تقذف نفسها في القدور وهي تفلي وفي التنانير وثي تفور فأثابها الله بحسن طاعتها برد الماء فلما رأوا ذلك بكوا وشكوا إلى موسى وقالوا هذه المرة نتوب إلى الله تعالى ولا نعود فأخذ عهودهم ومواثيقهم ثم دعا ربه فكشف عنهم الضفادع بعدما أقام سبعا من السبت إلى السبت فأقاموا شهرا في عافية ثم نقضوا العهود وعادوا إلى كفرهم فدعا عليهم موسى فأرسل الله عليهم الدم فسال النيل عليهم دما وصارت مياههم دما وما يستقون من الآبار والأنهار إلا وجدوه دما عبيطا أحمر فشكوا ذلك إلى فرعون وقالوا ليس لنا شراب فقال إنه سحركم فقال القوم من أين سحرنا ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئا من الماء إلا دما عبيطا وكان فرعون يجمع بين القبطي والإسرائيلي على الإناء الواحد فيكون ما يلي الإسرائيلي ماء وما يلي القبطي دما ويقومان إلى الجرة فيها الماء فيخرج للإسرائيلي ماء وللقبطي دم حتى كانت المرأة من آل فرعون تأتي المرأة من بني إسرائيل حين جهدهم العطش فتقول اسقني من مائك فتصب لها من قربتها فيعود في الإناء دما حتى كانت تقول اجعليه في فيك ثم مجيه في فيه
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»